365
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

فيه ، كما قال تعالى : « يَأْكُلَ الطَّعَامَ » ۱ ، قالوا : هو كناية عن إتيان الغائط ، وإجمال في اللفظ . وكذلك قوله : « وانحيازكم عن صفوفكم » كناية عن الهرب أيضا ، وهو من قوله تعالى : « إلاَّ مُتَحَرِّفا لِقِتَالِ أَوْ مُتَحيِّزا إلَى فِئَةٍ » ۲ .
وهذا باب من أبواب البيان لطيف ؛ وهو حُسْن التوصّل بإيراد كلام غير مزعج ، عوضاً عن لفظ يتضمّن جَبْها وتقريعاً . وتحوزكم : تعدل بكم عن مراكزكم . والجفاة : جمع جاف ، وهو الفَدْم الغليظ . والطّغام : الأوغاد . واللهاميم : جمع لهموم وهو الجواد من الناس والخيل . واليآفيخ : جمع يافُوخ وهو معظم الشيء ، تقول : قد ذهب يافوخ الليل ، أي أكثره ، ويجوز أن يريد به اليافوخ ، وهو أعلى الرأس ، وجمعه يآفيخ أيضا . وأفخْتُ الرجُلَ : ضربت يافوخَه ، وهذا ألْيَق ؛ لأ نّه ذكر بعده الأنف والسنام ، فحمْل اليافوخ على العضو إذا أشبه . والوحاوح : الحرق والحزازات . ولقيته « بأخرة » ، أي أخيرا . والحسّ : القتل ، قال اللّه تعالى : « إذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ » ۳ . وشجرت زيدا بالرمح : طعنته والشَّجر : الطعن . والتأنيث في « أُولاهم » و « أُخراهم » للكتائب . والهيم : العطاش . وتذاد : تصد وتمنع ، وقد روي : « الطغاة » عوض «الطغام» . وروي « حشأ » بالهمز من حشأت الرجل ، أي أصبت حشاه . وروي « بالنضال » بالضاد المعجمة ، وهو المناضلة والمراماة .

۱۰۷

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام ، وهي من خطب الملاحمالْحَمْدُ للّه الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ ، وَالظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ . خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ ، إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لاَتَلِيقُ إِلاَّ بِذَوي الضَّمَائِرِ ، وَلَيْسَ بِذِي ضَمِيرٍ فِي نَفْسِهِ .

1.سورة الفرقان ۷ .

2.سورة الأنفال ۱۶ .

3.سورة آل عمران ۱۵۲ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
364

لهم : كانت الأحكام الشرعية إليكم تردُ منّي ومن تعليمي إياكم ، وتثقيفي لكم ، ثم تصدُر عنكم إلى مَنْ تعلّمونه إياها من اتّباعكم وتلامذتكم ، ثم يرجع إليكم بأنْ يتعلّمها بنوكم وإخوتكم من هؤلاء الأتباع والتلامذة ؛ ففررتم من الزّحف لما أغارت جيوش الشام عليكم ، وأسلمتم منازلكم وبيوتكم وبلادكم إلى أعدائكم ، ومكّنتم الظلَمة من منزلتكم ، حتى حكَموا في دين اللّه بأهوائهم ، وعَمِلوا بالشّبهة لا بالحجّة ، واتسعوا في شهواتهم ومآرب أنفسهم .
ثم أقسم باللّه : إنّ أهل الشام لو فرّقوكم تحت كل كوكب ليجمعنّكم اللّه ليوم ، وهو شرّ يوم لهم ، وكنّى بذلك عن ظهور المسوّدة وانتقامها من أهل الشام وبني أُميّة ، وكانت المسوّدة المنتقمة منهم عراقية وخراسانية .

۱۰۶

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في بعض أيام صفينوَقَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ ، وَانْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ ، تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ ، وَأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ ، وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ الْعَرَبِ ، وَيَآفِيخُ الشَّرَفِ ، وَالْأَنْفُ الْمُقَدَّمُ ، وَالسَّنَامُ الْأَعْظَمُ .
وَلَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ صَدْرِي أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ ، وَتُزِيلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ؛ حَسّاً بِالنِّصَالِ ، وَشَجْراً بِالرِّمَاحِ، تَرْكَبُ أُولاهُمْ أُخْرَاهُمْ كَالاْءِبِلِ الْهِيمِ الْمَطْرُودَةِ، تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا ، وَتُذَادُ عَنْ مَوَارِدِهَا!

الشّرْحُ :

جوْلتكم : هزيمتكم . فأجمل في اللفظ ، وكنّى عن اللفظ المنفِّر ، عادلاً عنه إلى لفظ لا تنفير

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8261
صفحه از 712
پرینت  ارسال به