مبسوطة ، وأيدي مستحقّي الرّئاسة ومستوجبي الأمر مكفوفة ، وسيوفكم مسلّطة على أهل البيت الذين هم القادة والرؤساء ، وسيوفهم مقبوضة عنكم ؛ وكأنّه كان يرمز إلى ما سيقع من قَتْل الحسين عليه السلام وأهله ، وكأنّه يشاهد ذلك عياناً ، ويخطب عليه ويتكلّم على الخاطر الذي سَنَح له ، والأمر الذي كان أخبر به ، ثم قال : إنّ لكلّ دمٍ ثائراً يطلب القَوَد ، والثائر بدمائنا ليس إلاّ اللّه وحدَه ، الذي لا يُعجزه مطلوب ، ولا يفوته هارب .
ومعنى قوله عليه السلام : « كالحاكم في حق نفسه » ، أ نّه تعالى لا يقصّر في طلب دمائنا كالحاكم الذي يحكم لنفسه ، فيكون هو القاضي وهو الخصم ، فإنه إذا كان كذلك يكون مبالغا جداً في استيفاء حقوقه .
ثم أقسم وخاطب بني أُميّة ، وصرّح بذكرهم أنّهم ليعرفنّ الدنيا عن قليل في أيدي غيرهم وفي دورهم ، وأنّ الملك سينتزعه منهم أعداؤهم ، ووقع الأمر بموجب إخباره عليه السلام ، فإنّ الأمر بقيَ في أيدي بني أُميّة قريبا من تسعين سنة ، ثم عاد إلى البيت الهاشميّ ، وانتقم اللّه تعالى منهم على أيدي أشدّ الناس عداوة لهم .
الأصْلُ :
۰.أَلاَ إِنَّ أَبْصَرَ الْأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُهُ ! أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الْأَسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَقَبِلَهُ!
أَيُّهَا النَّاسُ ، اسْتَصْبِحُوا مِنْ شُعْلَةِ مِصْبَاحِ وَاعِظٍ مُتَّعِظٍ ، وَامْتَاحُوا مِنْ صَفْوِ عَيْنٍ قَدْ رُوِّقَتْ مِنَ الْكَدَرِ .
عِبَادَ اللّهِ ، لاَ تَرْكَنُوا إِلَى جَهَالَتِكُمْ ، وَلاَ تَنْقَادُوا إلَى أهْوَائِكُم ؛ فَإِنَّ النَّازِلَ بِهذَا الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ ، يَنْقُلُ الرَّدَى عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ، لِرَأيٍ يُحْدِثُهُ بَعْدَ رَأيٍ؛ يُرِيدُ أَنْ يُلْصِقَ مَا لاَ يَلْتَصِقُ ، وَيُقَرِّبَ مَا لاَ يَتَقَارَبُ!
فَاللّه اللّه أَنْ تَشْكُوا إِلَى مَنْ لاَ يُشْكِي شَجْوَكُمْ ، وَلاَ يَنْقُضُ بِرَأْيِهِ مَا قَدْ أَبْرَمَ لَكُمْ . إِنَّهُ لَيسَ عَلَى الاْءِمَامِ إِلاَّ مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ : الاْءبْلاَغُ فِي الْمَوْعِظَةِ ، وَالاِجْتِهَادُ فِي النَّصِيحَةِ ، وَالاْءِحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا ، وَإِصْدَارُ السُّهْمَانِ عَلَى