ويجوز أن يعودَ هذا الضمير الثاني إلى المذكور الأول وهو الجاهلية ، أي ولّت بحذافيرها واجتمعت كلُّها تحت ذلّ المقادة .
ثم أقسم أ نّه ما ضعف يومئذٍ ولا وَهَن ولا جَبُن ولا خان ؛ وليبقرنّ الباطل الآن حتى يخرج الحقّ من خاصرته ، كأنّه جعل الباطل كالشيء المشتمل على الحق غالباً عليه ، ومحيطاً به ، فإذا بُقِر ، ظهر الحق الكامن فيه ، وقد تقدم منّا شرح ذلك .
۱۰۴
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامحَتَّى بَعَثَ اللّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآله شَهِيداً ، وَبَشِيراً ، وَنَذِيراً ، خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلاً ، وَأَنْجَبَهَا كَهْلاً ، وَأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً وَأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً . فَمَا احْلَوْلَتْ لَكُمُ الدُّنْيَا فِي لَذَّتِهَا ، وَلاَ تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلاَفِهَا إِلاَّ مِنْ بَعْدِه صَادَفْتُمُوهَا جَائِلاً خِطَامُهَا ، قَلِقاً وَضِينُهَا ، قَدْ صَارَ حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَامٍ بِمَنْزِلَةِ السِّدْر المَخْضُودِ ، وَحَلاَلُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُودٍ ، وَصَادَفْتُمُوهَا ، وَاللّهِ ، ظِلاًّ مَمْدُوداً إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ .
فَالْأَرْضُ لَكُمْ شَاغِرَةٌ ، وَأَيْدِيكُمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ؛ وَأَيْدِي الْقَادَةِ عَنْكُمْ مَكْفُوفَةٌ ، وَسُيُوفُكُمْ عَلَيْهِمْ مَسَلَّطَةٌ ، وَسُيُوفُهُمْ عَنْكُمْ مَقْبُوضَةٌ .
أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً ، وَلِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً . وَإِنَّ الثَّائِرَ فِي دِمَائِنَا كَالْحَاكِمِ في حَقِّ نَفْسِهِ ، وَهُوَ اللّهُ الَّذِي لاَ يُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ ، وَلاَ يَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ . فَأُقْسِمُ باللّه ، يَا بَنِي أُمَيِّةَ ، عَمَّا قَلِيلٍ لَتَعْرِفُنَّهَا فِي أَيْدِي غَيْرِكُمْ وَفِي دَارِ عَدُوِّكُمْ !