بالراكب . والكَلب : الشدّة من البرد وغيره ، ومثله الكُلْبة ، وقد كَلِب الشتاء ، وكَلِب القحط ، وكَلِب العدوّ ، والكَلَب أيضا : الشّرّ ، دفعت عنك كَلَب فلان ، أي شرّه وأذاه . وقوله : « قليل سَلَبُهم » ، أي همهم القتل لا السلب .
ثم ذكر عليه السلام أنّ هؤلاء أرباب الفتن يجاهدهم قوم أذلة ، كما قال اللّه تعالى : « أذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين » ۱ ، وذلك من صفات المؤمنين . ثم قال : هم مجهولون عند أهل الأرض لخمولهم قبل هذا الجهاد ؛ ولكنهم معروفون عند أهل السماء ، وهذا إنذار بملحَمةٍ تجري في آخر الزمان ؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه و آله وسلم بنحو ذلك .
ثم أخبر بهلاك البصرة بجيش من نِقم اللّه لا رَهَج له ولاَ حسّ ، الرَّهج : الغبار ، وكنّى بهذا الجيش عن جَدْب وطاعون يصيب أهلَها حتى يبيدَهم . والموت الأحمر ، كناية عن الوباء والجوع . الأغبر : كناية عن المحْل ، وسمِّي الموت الأحمر لشدّته ، ومنه الحديث : كنا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول اللّه . ووصف الجوع بأنه أغبر ؛ لأنّ الجائع يرى الآفاق كأنّ عليها غبرة وظلاما ، وفسر قوم هذا الكلام بوقعة صاحب الزَّنج ، وهو بعيد ؛ لأنّ جيشه كان ذا حسّ ورهَج .
۱۰۲
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامانْظُرُوا إِلى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِينَ فِيهَا ، الصَّادِفِين عَنْهَا؛ فَإِنَّهَا وَاللّهِ عَمَّا قَلِيلٍ تُزِيلُ الثَّاوِيَ السَّاكِنَ ، وَتَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الاْمِنَ؛ لاَ يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مَنْهَا فَأَدبَرَ ، وَلاَ يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَر . سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ ، وَجَلَدُ الرِّجَالِ فِيهَا إِلَى الضَّعْفِ وَالوَهْنِ ، فَـلاَ يَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا .