كالسّواري جمع سارِية ، والغوادي جمع غادية ، يعني الآيات الناهية لهم عن المعاصي .
وقوله : « وألقى إليكم المعذِرة » كلام فصيح ، وهو من قوله تعالى : « ألْقَى إلَيْكُمُ السَّلاَم » ۱ . وقدّم إليكم بالوعيد ، وأنذركم بين يدي عذاب شديد ، أي أمامه وقبله ، مأخوذ أيضا من القرآن . ومعنى قوله : « بين يدي عذاب شديد » ، أي أمامه وقبله ؛ لأنّ ما بين يديك متقدم لك .
الأصْلُ :
۰.فَاسْتَدْرِكُوا بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ ، وَاصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ ، فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثيرِ الْأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ فِيهَا الْغَفْلَةُ ، وَالتَّشَاغُلُ عَنِ الْمَوْعِظَةِ ؛ وَلاَ تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ ، فَتَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الْظَّلَمَةِ ، وَلاَ تُدَاهِنُوا فَيَهْجُمَ بِكُمُ الاْءِدْهَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ .
عِبَادَ اللّهِ ، إِنَّ أَنْصَحِ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ ؛ وَإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ ؛ وَالْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ ، وَالْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَغُرُورِهِ .
وَاعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلاْءِيمَانِ ، وَمَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ . جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلإِيمَانِ . الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَكَرَامَة ، وَالْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَمَهَانَة . وَلاَ تَحَاسَدُوا ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الاْءِيمانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ ، وَلاَ تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ ؛ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ ، وَيُنْسِي الذِّكْرَ . فَأَكْذِبُوا الْأَمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ ، وَصَاحِبُهُ مَغْرُورٌ .
الشّرْحُ :
قوله : « فاستدركوا بقيّة أيامكم » ؛ يقال : « استدركت ما فات وتداركت ما فات » ، بمعنى « واصبروا لها أنفسكم » ، مأخوذ من قوله تعالى : « وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ