فأمّا ما كان يقوله عمرو بن العاص في علي عليه السلام لأهل الشام : « إنّ فيه دُعابة » يروم أن يعيبه بذلك عندهم ؛ فأصل ذلك كلمة قالها عمر ، فتلقّفها حتى جعلها أعداؤه عيبا له وطعنا عليه . وأنت إذا تأملت حال علي عليه السلام في أيام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وجدته بعيدا عن أن ينسب إلى الدعابة والمزاح ؛ لأ نّه لم ينقل عنه شيء من ذلك أصلاً ، لا في كتب الشيعة ولا في كتب المحدّثين ، وكذلك إذا تأملت حاله في أيام الخليفتين أبي بكر وعمر ، لم تجد في كتب السيرة حديثا واحدا يمكن أن يتعلّق به متعلّق في دُعابته ومزاحه . والحال في أيام عثمان وأيام ولايته عليه السلام الأمر كالحال فيما تقدّم . ولعمر اللّه كان أبعد الناس من ذلك ، وأي وقت كان يتّسع لعلي عليه السلام حتى يكون فيه على هذه الصفات .
۸۴
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلاموَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ : الْأَوَّلُ لاَ شَيْءَ قَبْلَهُ ، وَالآخِرُ لاَ غَايَةَ لَهُ ، لاَ تَقَعُ الْأَوْهَامُ لَهُ عَلى صِفَةٍ ، وَلاَ تُعْقَدُ الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلَى كَيْفِيَّةٍ ، وَلاَ تَنَالُهُ التَّجْزِءَةُ وَالتَّبْعِيضُ ، وَلاَ تُحِيطُ بِهِ الْأَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ .
الشّرْحُ :
في هذا الفصل على قصره ثماني مسائل من مسائل التوحيد :
الأُولى : أ نّه لا ثانيَ له سبحانه في الإلهية .
والثانية : أنه قديم لا أوّل له . فإن قلت : ليس يدلُّ كلامه على القدم ، قلت : إذا كان محدَثا كان له محدِث ؛ فكان ذلك المحدث قبله ، فثبت أنه متى صدق أنه ليس شيء قبله صدق كونه قديما .
والثالثة : أنه أبدِيٌّ لا انتهاء ولا انقضاء لذاته .