ثم قال : « إنّا باللّه عائذون » ؛ عُذْت بفلان واستعذت به ؛ أي التجأت إليه .
الأصْلُ :
۰.عِبَادَ اللّهِ، أَيْنَ الَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا، وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا ، وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا ، وَسَلِمُوا فَنَسُوا! أُمْهِلُوا طَوِيلاً ، وَمُنِحُوا جَمِيلاً ، وَحُذِّرُوا أَلِيما ، وَوُعِدُوا جَسِيما .
احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ ، وَالْعُيُوبَ الْمُسْخِطَةَ . أُولِي الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ ، وَالْعَافِيَةِ وَالْمَتَاعِ ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلاَصٍ ، أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ ! فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ! أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ ! أَمْ بِمَاذَا تَغْتَرُّونَ!
وَإِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ ، قِيدُ قَدِّهِ ، مُتَعَفِّرا عَلَى خَدِّهِ .
الآنَ عِبَادَ اللّهِ وَالْخِنَاقُ مُهْمَلٌ ، وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ ، فِي فَيْنَةِ الاْءِرْشَادِ ، وَرَاحَةِ الْأَجْسَادِ ، وَبَاحَةِ الاِحْتِشَادِ ، وَمَهَلِ الْبَقِيَّةِ ، وَأُنـُفِ الْمَشِيَّةِ ، وَإِنْظَارِ التَّوْبَةِ ، وَانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ ، قَبْلَ الضَّنْكِ وَالْمَضِيقِ ، وَالرَّوْعِ وَالزُّهُوقِ ، وَقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ وَأخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ .
قال الرضي رحمه الله :
وفي الخبرِ : أنَّهُ عليه السلام لَمَّا خطب بهذه الخُطبةِ اقشعرَّت لها الجلود ، وبكت العيونُ ، ورَجَفَت القلوبُ ، ومن النَّاسِ مَنْ يُسَمِّي هذه الخُطبةَ : الغَرَّاءَ .
الشّرْحُ :
نَعِم الرجل يَنْعَم ضِدّ قولك : « بَئس » ، وجاء شاذاً نَعِم ينعِم بالكسر . وأنظروا : أمهلوا . والذنوب المورّطة : التي تُلقِي أصحابَها في الورطة ؛ وهي الهلاك .
ثم قال عليه السلام : « أُولي الأبصار والأسماع » ، ناداهم نداء ثانيا بعد النداء الذي في أول الفصل ، وهو قوله : « عباد اللّه » ؛ فقال : يامَنْ منحهم اللّه أبصارا وأسماعا ، وأعطاهم عافية ،