وَلاَ سِنَةٌ مُسَلِيَةٌ ، بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ ، وَعَذَابِ السَّاعَاتِ ! إِنَّا بِاللّهِ عَائِذُونَ!
الشّرْحُ :
أم هنا إمّا استفهامية على حقيقتها ؛ كأنه قال : أعِظُكُم وأذكِّركم بحال الشيطان وإغوائه ، أم بحال الإنسان منذ ابتدأ وجوده إلى حين مماته ، وإمّا أنْ تكون منقطعة بمعنى « بل » كأنه قال : عادلاً وتاركا لما وعظهم به ؛ بل أتلو عليكم نبأ هذا الإنسان الذي حاله كذا.
الشُّغُف بالغين المعجمة : جمع شَغاف ، بفتح الشين ، وأصله غلاف القلب ، يقال : شغفه الحبّ ، أي بلغ شغافه ، وقرئ : « قَدْ شَغَفَهَا حُبّا » ۱ . والدّهاق : المملوءة ، ويروى « دفاقا » من دَفَقت الماء أي صببته .
قال : « وعلَقَةً محاقاً » ، المحاق : ثلاث ليال من آخر الشهر ، وسميت محاقاً ؛ لأنّ القمر يمتحق فيهنّ ، أي يخفى وتبطل صورته ، وإنما جعل العلَقة محاقاً هاهنا ؛ لأنها لم تحصل لها الصورة الإنسانية بعد ؛ فكانت ممحوّة ممحوّة ممحوقة . واليافع : الغلام المرتفع ، أيْفَع وهو يافع ؛ وها من النوادر . وغلام يَفَع ويَفَعة وغلمان أيفاع وَيَفَعة أيضا .
قوله : « وَخَبَط سادراً » ؛ خَبَط البعير إذا ضرب بيديه إلى الأرض ، ومشى لا يتوقى شيئا . والسادر : المتحيّر ، والسادر أيضا : الذي لا يهتمّ ولا يبالي ما صنع ، والموضع يحتمل كلا التفسيرين . والماتح : الذي يستقي الماء من البئر وهو على رأسها . والمائح : الذي نزل البئر إذا قلّ ماؤها ، فيملأ الدلاءَ . وسُئِل بعض أئمة اللغة عن الفرق بين الماتح والمائح ، فقال : اعْتَبرْ نقطَتي الإعجام ، فالأعلى للأعلى ، والأدنى للأدنى . والغَرْب : الدلو العظيمة . والكدْح : شدّة السعي والحركة ، قال تعالى : « يَاأيُّهَا الإِنسَان إنَّكَ كَادِحٌ إلَى رَبِّكَ كَدْحا » ۲ .
قوله : « وبَدَوات » ، أي ما يخطر له من آرائه التي تختلف فيها دواعيه ، فتقدم وتحجِم ، ومات غريراً ، أي شابا ، ويمكن أن يُرَاد به أنه غيرُ مجرّب للأمور . والهفْوة : الزلّة ، هفا يهفو . لم يُفِدْ عوضا ، أي لم يكتسب . وغُبَّر جماحه : بقاياه . والجِماح الشِّرّة وارتكاب الهوى . وسَنَن مِرَاحه ، السَّنَن : الطريقة ، والمِرَاح : شدَّة الفرح والنشاط .