مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكوبٍ » ۱ .
وقوله : « وأعل على بناء البانين بناءه » ، أي اجعل منزلته في دار الثواب أعلى المنازل . وأتمم له نورَه ، من قوله تعالى : « رَبَّنَا أتْمِمْ لَنَا نُورَنَا » ۲ . وقد روِي أنه تُطفأ سائر الأنوار إلاّ نور محمد صلى الله عليه و آله وسلم ، ثم يعطى المخلصون من أصحابه أنوارا يسيرة يبصرون بها مواطئ الأقدام ، فيدعُون إلى اللّه تعالى بزيادة تلك الأنوار وإتمامها . ثم إن اللّه تعالى يتمّ نور محمد صلى الله عليه و آله وسلم ، فيستطيلُ حتى يملأ الآفاق ، فذلك هو إتمام نوره صلى الله عليه و آله وسلم .
قوله : « من ابتعاثك له » ، أي في الآخرة . مقبول الشهادة ، أي مصدَّقاً فيما يشهد به على أُمّته وعلى غيرها من الأُمم .
وقوله : « ذا منطق عَدْل » ، أي عادل ، وهو مصدر أقيم مقام اسم الفاعل ؛ كقولك : رجل فِطْر وصَوْم ، أي مفطر وصائم .
وقوله : « وخطبة فصل » أي يخطب خطبة فاصلة يوم القيامة ، كقوله تعالى : « إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ » ۳ ، أي فاصل يفصل بين الحقّ والباطل ؛ وهذا هو المقام المحمود الذي ذكره اللّه تعالى في الكتاب ، فقال : « عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاما مَحْمُودا» ۴ .
قوله : « في بَرْد العيش » ؛ تقول العرب : عيش بارد ومعيشة باردة ، أي لا حَرْب فيها ولا نزاع ؛ لأنّ البرْد والسكون متلازمان كتلازم الحرّ والحركة . وقرار النعمة ، أي مستقرّها ، يقال : هذا قرار السَّيل ، أي مستقرّه . ومن أمثالهم : « لكلّ سائلة قرار » . ومُنَى الشهوات : ما تتعلّق به الشهوات من الأماني . وأهواء اللذات : ما تهواه النفوس وتستلذّه . والرخاء ، المصدر من قولك : رجل رخيّ البال فهو بيّن الرخاء ، أي واسع الحال . والدَّعة : السكون والطمأنينة ، وأصلها الواو . ومنتهى الطمأنينة . غايتها التي ليس بعدها غاية . والتُّحَف : جمع تحفة ؛ وهي ما يكرَم به الإنسان من البِرِّ واللَّطَف ، ويجوز فتح الحاء .