۷۰
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام في ذم أهل العراقأَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ ، وَمَاتَ قَيِّمُهَا ، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا ، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا .
أَمَا وَاللّهِ مَا أَتَيْتُكُمْ اخْتِيَارا ؛ وَلكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقا . وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ : عَلِيٌّ يَكْذِبُ ، قَاتَلَكُمُ اللّهُ تَعَالَى ! فَعَلى مَنْ أَكْذِبُ ؟ أَعَلَى اللّهِ ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ ! أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ بِهِ !
كَلاَّ وَاللّهِ ، لكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا ، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا . وَيْلُ امِّهِ كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ ! لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ . وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ !
الشّرْحُ :
أملصتِ الحامل : ألقتْ ولدها سقاطاً . وقيّمها : بعلها . وتأيّمها : خلوّها عن الأزواج ؛ يقول : لما شارفتم استئصالَ أهل الشام ، وظهرت أمارات الظّفر لكم ، ودلائل الفتح ، نكصتُم وجنحتم إلى السّلْم والإجابة إلى التحكيم عند رفع المصاحف ؛ فكنتم كالمرأةِ الحامل لما أتمّت أشهرَ حَمْلِها ألقت ولدها إلقاءَ غير طبيعيّ ؛ نحو أن تلقيَه لسقطةٍ أو ضربة أو عارض يقتضي أن تلقِيَه هالكاً .
ثم لم يكتف لهم بذلك ، حتى قال : « ومات بعلُها ، وطال تأيّمها ، وورثها أبعدها » ، أي لم يكن لها ولد وهو أقربُ المخلفين إلى الميت ، ولم يكن لها بَعْلٌ فورثها الأباعد عنها ، كالسافلين من بني عمّ ، وكالمولاة تموت من غير ولد ولا من يجري مجراه ، فيرثُها مولاها ولا نَسب بينها وبينه . ثم أقسم أنه لم يأتهم اختيارا ، ولكنّ المقاديرَ ساقته إليهم سَوْقا ، يعني اضطرارا . وصدقَ عليه السلام ؛ لأ نّه لولا يوم الجمل لم يحتَجْ إلى الخروج من المدينة إلى العراق ،