قال عليه السلام : ما قالت الأنصار؟
قالوا : قالت : منا أمير ومنكم أمير .
قال عليه السلام : فَهَلاَّ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسلم وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلى مُحْسِنِهِمْ ، وَيُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ!
قالوا : وما في هذا من الحجَّة عليهم؟
فقال عليه السلام : لَوْ كَانَتِ الاْءِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ . ثم قال عليه السلام : فَمَاذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ؟
قَالُوا : احتجَّت بأَنَّها شجرة الرسول صلى الله عليه و آله وسلم .
فقال عليه السلام : احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ ، وَأَضَاعُوا الثَّمَرَةَ .
الشّرْحُ :
هذا الخبر الوارد في الوصية بالأنصار ؛ فهو خبر صحيح ، أخرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاريّ ، ومسلم بن الحجاج القُشيْري في مسنديْهما عن أنس بن مالك ۱ .
وأما كيفية الاحتجاج على الأنصار ، فقد ذكرها عليّ عليه السلام ؛ وهي أ نّه لو كان ـ صلواتُ اللّه وسلامه عليه ـ ممّن يجعل الإمامة فيهم ؛ لأوصى إليهم ، ولم يوصِ بهم .
فأمّا قول أمير المؤمنين : « احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » ؛ فكلام قد تكرّر منه عليه السلام أمثالُه ؛ نحو قوله : « إذا احتجّ عليهم المهاجرون بالقُرْب من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت الحجة لنا على المهاجرين بذلك قائمة ؛ فإن فَلَجَتْ حُجّتهم كانت لَنَا دونهم ؛ وإلاّ فالأنصار على دعوتهم » .
ونحو هذا المعنى قول العباس لأبي بكر : « وأما قولك : نحن شجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فإنكم جيرانها ؛ ونحن أغصانها » ۲ .