۶۳
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلام :فَاتَّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ ، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ ، وَابْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ ، وَتَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ ، وَكُونُوا قَوْما صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا ، وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا ؛ فَإِنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثا ، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدىً ، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ .
وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ . وَإِنَّ غَائِبا يَحْدُوهُ الْجَدِيدَانِ : اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ . وَإِنَّ قَادِما يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ الْعُدَّةِ .
فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا ، مِنَ الدُّنْيَا ، مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَدا . فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ ، نَصَحَ نَفْسَهُ ، وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ ، وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ ، فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ ، وَالشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ ، يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا ، وَيُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا ، إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا .
فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً ، وَأَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ ! نَسْأَلُ اللّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ ، وَلاَ تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ ، وَلاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلاَ كَآبَةٌ .
الشّرْحُ :
بادروا آجالكم بأعمالكم ، أي سابقوها وعاجِلوها . البِدار : العجلة ، وابتاعوا الآخرة الباقيةَ بالدنيا الفانية الزائلة .