203
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

الشّرْحُ :

الغِيلة : القتل على غير علْم ولا شعور . والجُنّة : الدِّرع وما يجَنّ به ؛ أي يستتر من تُرْس وغيره . وطاش السهم ؛ إذا صَدَف عن الغرض . والكَلْم : الجرح ؛ ويعني بالجنّة هاهنا الأجل ، وعلى هذا المعنى الشعر المنسوب إليه عليه السلام :

من أيّ يوميّ مِنَ الموتِ أفِرّأيومَ لم يُقْدَرَ أم يوم قُدِرْ
فيوم لا يقدَر لا أرهَبُهويوم قد قُدّر لا يغني الحَذَرْ
والأصل في هذا كله قوله تعالى : « وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إلاَّ بإذْنِ اللّهِ كِتِابا مُؤَجَّلاً » ۱ ، وقوله تعالى : « فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ » ۲ .

۶۲

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلامأَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا ، وَلاَ يُنْجَى بِشَىْ ءٍ كَانَ لَهَا : ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً ، فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ ، وَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَأَقَامُوا فِيهِ ؛ فَإِنَّهَا عِنْدَ ذُوِي الْعُقُولِ كَفَيءِ الظِّلِّ ، بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغا حَتَّى قَلَصَ ، وَزَائِدا حَتَّى نَقَصَ .

الشّرْحُ :

تقدير الكلام : أنّ الدُّنيا دارٌ لا يُسلَم من عقاب ذنوبها إلاّ فيها ، وهذا حقّ ؛ لأنّ العِقاب المستحقّ ، إنما يَسْقُط بأحد أمرين : إمّا بثوابٍ على طاعاتٍ تفضُل على ذلك العقاب

1.سورة آل عمران ۱۴۵ .

2.سورة الأعراف ۳۴ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
202

۶۰

الأصْلُ :

۰.وقال عليه السلام في الخوارج :لاَ تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي ؛ فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ ، كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ .

قال الرضي رحمه الله :
يَعْني معاويةَ وأصحابه .

الشّرْحُ :

مرادهُ أنْ الخوارج ضلّوا بشبهة دخلت عليهم ، وكانوا يطلبون الحقّ ، ولهم في الجُمْلة تمسُّك بالدين ، ومحاماة عن عقيدة اعتقدوها ، وإن أخطأوا فيها ؛ وأمّا معاوية فلم يكنْ يطلبُ الحقّ ؛ وإنما كان ذا باطل ، لا يحامي عن اعتقاد قد بناه على شبهة ، وأحواله كانت تدلّ على ذلك ؛ فإنه لم يكن من أرباب الدين ، ولا ظهر عنه نُسُك ؛ ولا صلاحُ حال ، وكان مترَفا يُذهِب مالَ الفيء في مآربه ؛ وتمهيد مُلكه ، ويصانع به عن سلطانه ؛ وكانت أحوالهُ كلها مؤذنةً بانسلاخه عن العدَالة ، وإصراره على الباطل ؛ وإذا كان كذلك لم يَجُزْ أن ينصُر المسلمون سلطانه ، وتحارَبُ الخوارج عليه وإن كانوا أهل ضلال ؛ لأنّهم أحسن حالاً منه ؛ فإنهم كانوا ينهوْن عن المنكر ، ويروْن الخروج على أئمة الجور واجبا .

۶۱

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام لمّا خُوّف من الغِيلةوَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللّهِ جُنَّةً حَصِينَةً ، فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي ، فَحِينَئِذٍ لاَ يَطِيشُ السَّهْمُ ، وَلاَ يَبْرَأُ الْكَلْمُ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8457
صفحه از 712
پرینت  ارسال به