الهداية إلى الضلال .
وقوله عليه السلام : « وأثرَة يتّخذها الظالمون فيكم سنّة » ، فالأثرَة هاهنا الاستبداد عليهم بالفيء والغنائم واطّراح جانبهم ، وقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم للأنصار : « ستلقوْن بعدي أثَرَةً فاصبروا حتى تلقوْني » .
واعلم أن الخوارجَ عَلَى أمير المؤمنين عليه السلام كانوا أصحابَه وأنصارَه في الجمل وصِفّين قبل التحكيم ؛ وهذه المخاطبة لهم ، وهذا الدعاء عليهم ؛ وهذا الإخبار عن مستقبل حالهم ، وقد وقع ذلك ، فإنّ اللّه تعالى سَلّط عَلَى الخوارج بعده الذلّ الشامل ، والسيف القاطع ، والأثرة من السلطان ، وما زالت حالُهم تضمحلّ ؛ حتى أفناهم اللّه تعالى وأفنى جُمهورهم .
۵۸
الأصْلُ :
۰.وقال عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج ، وقيل له : إنّ القوم عبروا جسر النَّهْروان :مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ ، وَاللّهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ، وَلاَ يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ .
قال الرضي رحمه الله :
يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيرا جمَّا . وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم عند مضيّ ما أشبهه .
الشّرْحُ :
هذا الخبرُ من الأخبار التي تكاد تكون متواتِرة ؛ لاشتهاره ونَقْل الناس كافَّة له ؛ وهو من معجزاته وأخباره المفصّلة عن الغيوب .
والأخبار على قسمين :
أحدُهما : الأخبار المجمَلة ، ولا إعجازَ فيها ، نحو أن يقولَ الرجلُ لأصحابه : إنكم سَتُنْصَرون على هذه الفئة التي تلقوْنها غدا .
والقسم الثاني : في الأخبار المفصّلة عن الغيوب ، مثل هذا الخبر ، فإنّه لا يحتمل