191
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

قال الرضي رحمه الله :
والمنسك ها هنا المذبح .

الشّرْحُ :

الأُضحية : ما يذبح يوم النحر ، وما يجري مجراه أيام التشريق من النَّعم . واستشراف أذنها : انتصابها وارتفاعها ، أُذن شَرْفاء أي منتصبة . والعضباء : المكسورة القرن . والتي تجرّ رجلها إلى المنْسَك ، كناية عن العَرْجاء ، ويجوز المنسَِك ، بفتح السين وكسرها .

۵۳

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعةفَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الاْءِبِلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا ، وَقَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا ، وَخُلِعَتْ مَثَانِيهَا ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ ، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَيَّ . وَقَدْ قَلَّبْتُ هـذَا الْأَمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ . فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعُني إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وسلّم ؛ فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ ، وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الآخِرَةِ .

الشّرْحُ :

تداكُّوا : ازدحموا . والهِيم : العِطاش . ويوم وِرْدها : يوم شربها الماء . والمثاني : الحِبال ، جمع مَثناة ومِثناة بالفتح والكسر ، وهو الحبل .
وجهاد البُغاة واجب على الإمام ، إذا وجد أنصارا ، فإذا أخلّ بذلك أخلّ بواجب ، واستحقّ العقاب .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
190

الرجل بالماء ، أي روى وشفى غليله ، ينقع . ونقع الماء الصدي ينقع ، أي سكّنه . فأزمعوا الرحيل، أي اعزموا عليه ، يقال : أزمعت الأمر ، ولا يجوز أزمعت على الأمر ؛ وأجازه الفرّاء .
قوله : « المقدور على أهلها الزوال » ، أي المكتوب ، قال :

واعْلم بأنّ ذَا الجلال قد قَدَرْفي الصحف الأُولى الذي كان سُطِرْ
أي كتب . والوُلّه العجال : النُّوق الوالهة الفاقدة أولادَها ، الواحدة عَجُول ، والوَلَه : ذهاب العقل وفقْد التمييز . وهدِيل الحمام : صوت نوحه . والجؤار : صوت مرتفع . والمتبتِّل : المنقطع عن الدنيا . وانماث القلب ، أي ذاب .
وقوله : « ولو لم تبقوا شيئا من جُهْدكم » اعتراض في الكلام . وأنعمه ، منصوب ؛ لأ نّه مفعول « جزت » .
وفي هذا الكلام تلويح وإشارة إلى مذهب البغداديّين من أصحابنا في أنّ الثواب على فعل الطاعة غير واجب ؛ لأ نّه شكر النعمة ، فلا يقتضي وجوبَ ثواب آخر ؛ وهو قوله عليه السلام : « لو انماثت قلوبكم انمياثاً ... » إلى آخر الفصل .
وأصحابنا البصريون لا يذهبون إلى ذلك ، بل يقولون : إنّ الثواب واجب على الحكيم سبحانه ؛ لأ نّه قد كلّفنا ما يشقّ علينا ، وتكليف المشاقّ كإنزال المشاقّ ، فكما اقتضت الآلام والمشاقّ النازلة بنا من جهته سبحانه أعواضا مستحقّة عليه تعالى عن إنزالها بنا ، كذلك تقتضي التكليفات الشاقّة ثوابا مستحَقّا عليه تعالى عن إلزامه إيانا بها .
فإن قيل : فعلَى ماذا يُحمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، وفيه إشارة إلى مذهب البغداديين؟
قيل : إنه عليه السلام لم يصرح بمذهب البغداديين ؛ ولكنه قال : لو عبدتموه بأقصى ما ينتهي الجُهْد إليه ما وفّيتم بشكر أنعمِه ، وهذا حقٌّ غيرُ مختلف فيه ؛ لأنّ نعم البارئ تعالى لا تقوم العباد بشكرها ، وإن بالغوا في عبادته والخضوع له والإخلاص في طاعته ؛ ولا يقتضي صدق هذه القضية وصحتها صحةَ مذهب البغداديين في أنّ الثواب على اللّه تعالى غيرُ واجب ؛ لأنّ التكليف إنما كان باعتبار أنه شكر النعمة السالفة .
ومنها في ذكر يوم النحر وصفة الأضحية :
وَمِنْ تَمَامِ الأُضْحِيَةِ اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا ، وَسَلاَمَةُ عَيْنِهَا ، فَإِذَا سَلِمَتِ الْأُذُنُ وَالْعَيْنُ سَلِمَتِ الْأُضْحِيَةُ وَتَمَّتْ ، وَلَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8389
صفحه از 712
پرینت  ارسال به