۵۰
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامإِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتابُ اللّهِ ، وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً ، عَلَى غَيْرِ دِينِ اللّهِ . فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ ؛ وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ ، انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ ؛ وَلكِن يُؤْخَذُ مِنْ هـذَا ضِغْثٌ ، وَمِنْ هـذَا ضِغْثٌ ، فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللّهِ الْحُسْنَى .
الشّرْحُ :
المرتاد : الطالب . والضِّغْث من الحشِيش : القبضة منه ، قال اللّه تعالى : « وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثا » ۱ .
يقول عليه السلام : إنّ المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة التي يفتتِن الناس بها ، أصلُها اتّباع الأهواء ، وابتداع الأحكام التي لم تعرف يخالف فيها الكتاب ، وتحمل العصبيّة والهوى على تولّي أقوام قالوا بها ، على غير وثيقة من الدّين . ومستندُ وقوع هذه الشبهات امتزاجُ الحقّ بالباطل في النّظر الذي هو الطريق إلى استعلام المجهولات ، فلو أنّ النظر تُخَلّص مقدماته وتُرتَّب قضاياه من قضايا باطلة ، لكان الواقع عنه هو العلم المحض ، وانقطع عنه ألسن المخالفين ، وكذلك لو كان النظرُ تخلص مقدماته من قضايا صحيحة ، بأن كان كله مبنيّا على الفساد ، لظهر فسادُه لطلبة الحقّ ، وإنما يقع الاشتباه لامتزاج قضاياه الصادقة بالقضايا الكاذبة .
فإن قيل : فما معنى قوله عليه السلام : « فهنالك يستولى الشيطان على أوليائه ، وينجُو الّذين سبقتْ لهم من اللّه الحسنى » ، أليسَ هذا إشعارا بقول المجبِّرة وتلويحا به؟
قيل : لا إشعار في ذلك بالجبر ، ومراده عليه السلام أنه إذا امتزج في النظر الحقّ بالباطل ، وتركبت