163
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

تظافرت الأخبار حتى بلغت حدّ التواتر بما وعد اللّه تعالى قاتلي الخوارج من الثواب على لسان رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

۳۷

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام يجري مجرى الخطبةفَقُمْتُ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا ، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا ، وَنَطَقْتُ حِينَ تَعْتَعُوا ، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللّهِ حِينَ وَقَفُوا . وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتا ، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتا ، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا ، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا .
كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ . لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فيَّ مَهْمَزٌ وَلاَ لِقَائِلٍ فيَّ مَغْمَزٌ . الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ ، وَالْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ .
رَضِينَا عَنِ اللّهِ قَضَاءَهُ ، وَسَلَّمْنَا للّهِ أَمْرَهُ . أَتَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسلم ! وَاللّهِ لَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ ، فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ .
فَنَظَرْتُ في أَمْرِي ، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي ، وَإِذَا الْمِيثَاقُ في عُنُقِي لِغَيْرِي .

الشّرْحُ :

هذه فصول أربعة ، لا يمتزج بعضُها ببعض ، وكل كلام منها ينحُو به أمير المؤمنين عليه نحوا غير ما ينحوه بالآخر ؛ وإنما الرضيّ رحمه اللّه تعالى التقطها من كلامٍ لأمير المؤمنين عليه السلام طويل منتشر ، قاله بعد وقعة النَّهروان ، ذكَر فيه حاله منذ توفِّيَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وإلى آخر وقت ؛ فجعل الرضيّ رحمه اللّه تعالى ما التقطه منه سَرْدا ، وصار عند السامع كأنه يقصد به


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
162

۳۶

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أَهل النهروانفَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى بِأَثْنَاءِ هـذَا النَّهْرِ ، وَبِأَهْضَامِ هـذَا الْغَائِطِ ، عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَلاَ سُلْطَانٍ مُبِينٍ مَعَكُمْ ؛ قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ ، وَاحْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ .
وَقَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هـذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ المُخالِفِينَ المُنَابِذِينَ ، حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ ، وَأَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ ، سُفَهَاءُ الْأَحْلاَمِ ؛ وَلَمْ آتِ ـ لاَ أَبَا لَكُمْ ـ بُجْرا ، وَلاَ أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرّا ۱ .

الشّرْحُ :

الأهضام : جمع هَضْم ؛ وهو المطمئنّ من الوادي . والغائط : ما سَفَل من الأرض . واحْتَبَلَكم المقدار : أوقعكم في الحِبَالة . والبُجْر : الداهية والأمر العظيم . ويروى : « هُجْراً » ، وهو المستقبَح من القول . ويروى « عُرّا » ، والعُرّ : قروح في مشافِر الإبل ، ويستعار للداهية .

1.صرعى : جمع صريع ، وهو المطروح على الأرض . أثناء الشيء : أوساطه وخلاله . الغائط: ما سفل من الأرض . طوحت بكم الدار : تاهت بكم هنا وهناك . المنابذ : المفارق . أخفّاء : جمع خفيف ضد الثقيل . الهام : جمع الهامة وهي رأس كل شيء . والخوارج قوم تظافرت الأحاديث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم في تمرّدهم على إمامهم ومروقهم من الدين . فقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قوله : « يقرأ القرآن أقوام من أُمّتي ، يمرقون عن الدين كما يمرق السهم من الرمية » البداية والنهاية لابن كثير ۷:۳۰۲ ط . مصر ۱۳۵۱ ه . وقد أخبر النبي صلى الله عليه و آله وسلم الإمام علي عليه السلام بأنه سيتولّى قتلهم بالنهروان دون الجسر ، وذكر عدة من يبقى منهم ثم ذكر (ذا الثدية) من جملة قتلاهم ، وأخبر الإمام عليه السلام بكل ذلك قبل حربهم ؛ فصدق في كلِّ ما قال . أنساب الأشراف للبلاذري ۲ : ۳۷۶ بتحقيق المحمودي .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8248
صفحه از 712
پرینت  ارسال به