الشّرْحُ :
هذا الكلام بظاهره يقتضِي أنّه ما أمر بقتله ، ولا نهى عنه ، فيكون دمُه عنده في حكم الأُمور المباحة التي لا يؤمر بها ، ولا ينهى عنها . وأيضا فقد ثبت في السِّير والأخبار أنه كان عليه السلام ينهَى الناس عن قَتْله ؛ فإذن يجب أن يُحمَل لفظ النهى على المنع كما يقال : الأمير ينهى عن نهب أموال الرعيّة ، أي يمنع ، وحينئذٍ يستقيم الكلام ؛ لأنّه عليه السلام ما أمر بقتلِه ولا منع عن قتله ، وإنما كان ينهى عنه باللسان ولا يمنع عنه باليد .
فأمّا قوله : « غير أنّ مَنْ نصره » ، فكلام معناه أنّ خاذِليه كانوا خيرا من ناصريه ؛ لأنّ الذين نصروه كان أكثرُهم فُسّاقا ، كمرْوان بن الحكم وأضرابه ، وخذله المهاجرون والأنصار .
فأمّا قوله : « وأنا جامع لكم أمره ... » إلى آخر الفصل ؛ فمعناه أنه فَعَل ما لا يجوز ، وفعلتم ما لا يجوز ، أمّا هو فاستأثر فأساء الأثرة ، أي استبدّ بالأُمور فأساء في الاستبداد ، وأمّا أنتم فجزِعتم مما فعل أي حزنتم فأسأتم الجزَع ، لأنكم قتلتموه ، وقد كان الواجب عليه أن يرجع عن استئثاره ، وكان الواجب عليكم ألاّ تجعلوا جزاءه عمّا أذنب القتل ، بل الخلع والحبس وترتيب غيره في الإمامة .
ثم قال : وللّه حُكْم سيحكم به فيه وفيكم .
۳۱
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد اللّه بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته :لا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصا قَرْنَهُ ، يَرْكَبُ الصَّعْبَ وَيَقُولُ : هُوَ الذَّلُولُ . وَلكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ ، فَإِنَّهُ أَلْيَنُ عَرِيكَةً ، فَقُلْ لَهُ : يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ : عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ وَأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا .