أَقَوْلاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ! وَغَفْلَةً مِنْ غَيْرِ وَرَعٍ ! وَطَمَعا فِي غَيْرِ حَقٍّ ۱ !
الشّرْحُ :
حِيدي حَيَاد : كلمة يقولها الهارب الفارّ ، وهي نظيرة قولهم : « فيحي فَياح » ، أي اتّسعي ، وصَمّي صَمامِ ، للداهية . وأصلُها من حاد عن الشيء ، أي انحرفَ ، وحَيَادِ ، مبنيّة على الكسر ، وكذلك ما كان من بابها ، نحو قولهم : بَدَارِ ، أي ليأخذْ كلّ واحدٍ قِرْنه . وقولهم : خَراجِ في لعبة للصبيان ، أي اخرجوا . والباء في قوله : « بأضاليل » متعلقة بـ « أعاليل » نفسها ، أي يتعلّلون بالأضاليل التي لا جَدْوى لها . والسَّهم الأفْوَق : المكسور الفُوق ، وهو مَدْخَل الوتَر . والناصل : الذي لا نَصْل فيه ؛ يخاطبهم فيقول لهم : أبدانكم مجتمعة وأهواؤكم مختلفة ، متكلّمون بما هو في الشدّة والقوة يُوهِي الجبال الصمّ الصلْبة ، وعند الحرب يظهر أنّ ذلك الكلام لم يكن له ثمرة .
تقولون في المجالس : كَيْتَ وكَيْت ، أي سنفعل وسنفعل ، وكَيْت وكَيْت كناية عن الحديث ، كما كُنِيَ بفلان عن العلَم ، ولا تستعمل إلاّ مكرّرة ، وهما مخفّفان من « كَيّة » وقد استعملت على الأصل ، وهي مبنية على الفتح . وقد رَوَى أئمة العربية فيها الضمّ والكسر أيضا . فإذا جاء القتال فررتم وقلتم : الفِرارَ الفِرارَ .
ثم أخذ في الشكوى ، فقال : مَنْ دعاكم لم تعزّ دعوتُه ، ومَنْ قاساكم لم يسترِحْ قلْبُه . دأْبُكم التعلّل بالأُمور الباطلة ، والأمانيّ الكاذبة . وسألتموني الإرْجاءَ وتأخُّر الحرب كمن يمطُل بديْن لازمٍ له . والضَّيْم لا يدفعه الذليل ، ولا يدرَك الحقّ إلاّ بالجِدّ فيه والاجتهاد وعدم الانكماش .
وباقي الفصل ظاهر المعنى .
وهذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين عليه السلام في غارة الضحاك بن قيس .
قال : وكتب في أثر هذه الوقعة عَقِيل بن أبي طالب رضى الله عنه إلى أخيه أمير المؤمنين عليه السلام ، حين