الشّرْحُ :
غاية المكلّفين هي الثواب أو العقاب ، فيحتمِل أن يكونَ أراد ذلك ، ويحتمِل أن يكون أراد بالغاية الموت ، وإنما جعل ذلك أمامنا ؛ لأنّ الإنسان كالسائر إلى الموت ، أو كالسائر إلى الجزاء ، فهما أمامه ، أي بين يديه .
ثم قال : « وإن وراءكم الساعةَ تحدوكم » ، أي تسوقكم ، وإنّما جعلها وراءنا ؛ لأنها إذا وُجدت ساقت الناس إلى موقف الجزاء كما يسوقُ الراعى الإبل ، فلما كانت سائقةً لنا ، كانت كالشيء يحفِزُ الإنسان من خَلْفه ، ويحرّكه من ورائه ، إلى جهة ما بين يديه .
وأمّا قوله : « تخفّقوا تلحَقوا » ، فأصله : الرجل يسعى ، وهو غير مُثْقَل بما يحمله ، يَكون أجْدَر أن يلحَق الذين سبقوه ، ومثله قوله : « نجا المخفّفون » .
وقوله عليه السلام : « فإنما ينتَظر بأوّلكم آخركم » ، يريد : إنّما يُنتظر ببعث الذين ماتوا في أوّل الدهر ، مجيءُ مَنْ يخلقون ويموتون في آخره ، كأمير يريد إعطاءَ جنده إذا تكامل عرضُهم ، إنما يعطِي الأول منهم إذا انتهى عَرْض الأخير . وهذا كلام فصيح جدا .
والغَوْر : العمق . والنّطفة : ما صفا من الماء ، وما أنقع هذا من الماء ! أي ما أرواه للعطش !
۲۲
الأصْلُ :
۰.ومن خطبة له عليه السلامأَلاَ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَرَ حِزْبَهُ ، وَاسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ ، لِيَعُودَ الْجَوْرُ إلَى أَوْطَانِهِ ، وَيَرْجِعَ الْبَاطِلُ إِلى نِصَابِهِ .
وَاللّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَرا ، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَصَفا . وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقَّا هُمْ تَرَكُوهُ ، وَدَما هُمْ سَفَكُوهُ : فَلَئِن كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ ، وَلَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُوني ، فَمَا التَّبِعَةُ إِلاَّ عِنْدَهُمْ . وَإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ ، يَرْتَضِعُونَ أُمّا