۱۸
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتياتَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِيَّةُ في حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ؛ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِهِ ، ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ ؛ فَيَحْكُمُ فِيها بِخِلافِ قَوْلِهِ ، ثُمَّ يَجْتَمعُ الْقُضَاةُ بِذلِكَ عِنْدَ الاْءِمَامِ الَّذِي اسْتَقْضَاهُمْ ، فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعا ـ وَإِلـهُهُمْ واحِدٌ ! وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ ، وَكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ !
أَفَأَمَرَهُمُ اللّهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالاِخْتِلاَفِ فَأَطَاعُوهُ ؟! أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ ! أَمْ أَنْزَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ دِينا نَاقِصا فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ ؟ أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ ، فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى ؟ أَمْ أَنْزَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ دِينا تَامَّا فَقَصَّرَ الرَّسُولُ عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ ؟ وَاللّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ : «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» ۱ وَفِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيءٍ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضا ، وَأَنَّهُ لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ : «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفا كَثِيرا» ۲ . وَإِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ ، لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلاَ تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إلاَّ بِهِ ۳ .
الشّرْحُ :
الأنيق : المعجِب ، وآنقني الشيء ، أي أعجبني ؛ يقول : لاينبغي أن يُحمَل جميعُ ما في الكتاب العزيز على ظاهره ؛ فكم من ظاهرٍ فيه غيرُ مرادٍ ، بل المراد به أمر آخر باطن ؛