النثر ، مثل الدعاء ، الخاطرة ، الزيارة ، والمحاورة ، والمقالة ... الخ ، إلاّ أنه أدرجها ضمن الأبواب اللائقة بها بحسب مقياسه الجمالي والبلاغي ، وأشدّها ملامحة لغرضه : « ورأيت كلامه عليه السلام يدور على أقطاب ثلاثة ، أولها : الخطب والأوامر ؛ وثانيها : الكتب والرسائل ؛ وثالثها : الحكم والمواعظ » ۱ .
وربما يختار من خطب متعددة فصولاً ويوردها بنسق خطبة واحدة ۲ . وقد أشار إلى ذلك ابن أبي الحديد في مواضع كثيرة ففي شرح الخطبة (۱۲۱) ، فقال : « هذا الكلام يتلو بعضه بعضاً ؛ ولكنه ثلاثة فصول لا يلتصق أحدها بالآخر ؛ وهذه عادة الرضيّ ، تراه ينتخب من جملة الخطبة الطويلة كلمات فصيحة ، يوردها على سبيل التتالي ، وليست متتالية حين تكلّم بها صاحبها » ۳ .
وفي موضع آخر من شرحه قال : « هذا كلام منقطع عمّا قبله ؛ لأنّ الشريف الرضي رحمه اللهكان يلتقط الفصول التي في الطبقة العليا من الفصاحة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام فيذكرها ، ويتخطّى ما قبلها وما بعدها » ۴ .
1. .
۵ ـ بناء على خطته في الجمع ، نراه قد يختار من الخطبة الطويلة مقطعاً منها فيقتطعه ، وربما يجمع خطبة واحدة من خطب شتى ، ويوزّع الخطبة الواحدة إلى عدة فصول ، ويدرج كلّ فصل منها في موضع مستقل ، كما أنه قد يكرر في كتابه ، الكلام الواحد أو الخطبة الواحدة لوجود رواية اُخرى تختلف عن الأُولى ، يقول رحمه الله : « وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد ، والمعنى المكرر ، والعذر في ذلك أنّ روايات كلامه عليه السلام تختلف اختلافاً شديداً . فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنُقلَ على وجهه ، ثم وُجد بعد ذلك في رواية اُخرى ، موضوعاً في غير موضعه الأوّل ، أمّا بزيادة مختارة ، أو لفظ أحسن عبارة ، فتقتضي الحال أن يعاد ، استظهاراً للاختيار ، وغيرةً على عقائل الكلام ... » . المصدر السابق .
2.اُنظر مصادر نهج البلاغة ، ص۵۶ مصدر سابق ؛ ومدارك نهج البلاغة ، الشيخ هادي كاشف الغطاء ، ص۲۰۶ ، منشورات مكتبة الأندلس ـ بيروت .
3.شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ۷/۲۹۸ الأصل (۱۲۱) ، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ، طبعة دار الكتب العلمية (اسماعيليان) ـ قم ، اُفست عن طبعة دار إحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي وشركاه) ـ القاهرة ۱۹۶۰ م .
4.المصدر السابق ۷/۱۸۸ الأصل (۱۰۷) ، وهي من خطب الملاحم .