دخلت فيها وغابت ، مثل ثاخت ، وأسختها أنا مثل أثختها . والأنصاب : الأجسام المنصوبة ، الواحد نُصُب بضم النون والصاد ، ومنه سميت الأصنام نُصُباً في قوله تعالى : « وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ » ۱ ؛ لأنها نصبت فعبِدت من دون اللّه . أي وأساخ قواعد الجبالِ في متون أقطار الأرض ؛ وفي المواضع الصالحة لأنّ تكون فيها الأنصاب المماثلة ، وهي الجبال أنفسها .
قوله : « فأشهقَ قِلاَلها » ، جمع قُلّةٍ وهي ما علا من رأسِ الجبل ، أشهقها : جعلها شاهقة ، أي عالية . وأرّزها : أثبتها فيها ، رزّت الجرادة تَرُزُّ رَزّا ، وهو أن تدخِل ذَنبها في الأرض فتلقِي بيضها ، وأرَّزَها اللّه : أثبت ذلك منها في الأرض ، ويجوز « أرّزت » ، لازماً غير متّعد ، مثلَ رزّت ، وارْتزَّ السهم في القرطاس : ثبت فيه . وروي « وآرزها » بالمد من قولهم : شجرة آرزة ، أي ثابتة في الأرض ، أرَزَت بالفتح ، تأرِز بالكسر ، أي ثبتت ، وآزرها ـ بالمد ـ غيرها ، أي أثبتها . وتميد : تتحرّك . وتَسِيخ : تنزل وتهوي .
فإن قلت : ما الفرق بين الثلاثة : تميد بأهلها ، أو تسيخ بحملها ، أو تزول عن مواضعها؟
قلت : لأنّها لو تحركت لكانت إمّا أن تتحرّك على مركزها أو لا على مركزها ، والأوّل هو المراد بقوله : « تميد بأهلها » ، والثاني تنقسم إلى أن تنزل إلى تحت أو لا تنزل إلى تحت ، فالنزول إلى تحت هو المراد بقوله : « أو تسيخُ بحمْلها » ، والقسم الثاني هو المراد بقوله : « أو تزول عن مواضعها » .
فإن قلت : ما المراد بـ « على » في قوله : « فسكنت على حركتها؟
قلت : هي لهيئة الحال ، كما تقول عفوت عنه على سوء أدبه ، ودخلت إليه على شربه ، أي سكنت على أن من شأنها الحركة ؛ لأنها محمولة على سائل متموّج .
قوله : « مَوَجان مياهها » ، بناء « فَعَلان » ، لما فيه اضطراب وحركة كالغليان والنّزَوان والخَفَقان ، ونحو ذلك . وأجمدها ، أي جعلها جامدة . وأكنافها : جوانبها . والمهاد : الفراش . فوق بحر لجيّ : كثير الماء ، منسوب إلى اللّجّة ، وهي معظم البحر . قوله : « يكركره الرياح » ، الكركرة : تصريف الريح السّحاب إذا جمعته بعد تفريق ، وأصله « يكرّر » من التكرير ، فأعادوا الكاف ، كركرت الفارس عنّي أي دفعته ورددته . والرياح العواصف : الشديدة الهبوب . وتمخَضه ، يجوز فتح الخاء وضمّها وكسرها ، والفتح أفصح لمكان حرف الحلق من