619
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

بهَا ، وَالتَّفَرُّغِ لَهَا ؛ فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِي يَطْلُبُهَا ، وَحَاجَتُهُ الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا . فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ الاْءِسْـلاَمُ ، وَضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِهِ ، وَأَلْصَقَ الْأَرْضَ بِجِرَانِهِ ، بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ ، خَلِيفَةٌ مِنْ خَـلاَئِفِ أَنْبِيَائِهِ .

الشّرْحُ :

هذا الكلام فسّره كلّ طائفة على حسب اعتقادها ، فالشِّيعة الإماميّة ؛ تزعم أنّ المراد به المهدي المنتظر عندهم ، والصوفيّة يزعمون أ نّه يعني به وليّ اللّه في الأرض ؛ وعندهم أنّ الدّنيا لا تخلُو عن الأبدال ؛ وهم أربعون ، وعن الأوتاد ، وهم سبعة ، وعن القطب وهو واحد ؛ فإذا مات القطب صار أحد السبعة قطبا عوضه ، وصار أحد الأربعين وتِدا ، عوض الوَتِد ، وصار بعض الأولياء الذين يصطفيهم اللّه تعالى أبدالاً عوض ذلك البدَل .
وأصحابُنا يزعمون أن اللّه تعالى لا يخلِي الأُمّة من جماعة من المؤمنين العلماء بالعدْل والتوحيد . قالوا : وكلامُ أمير المؤمنين عليه السلام ليس يشير فيه إلى جماعة أولئك العلماء من حيث هم جماعة ؛ ولكنّه يصف حال كلِّ واحد منهم ؛ فيقول : من صفته كذا ، ومن صفته كذا .
والفلاسفة يزْعمون أنّ مرادَه عليه السلام بهذا الكلام العارف ، ولهم في العرفان وصفات أربابه كلام يعرِفه مَنْ له أُنس بأقوالهم . وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد صلى الله عليه و آله وسلمفي آخر الوقت ، إذا خلقه اللّه تعالى وإن لم يكن الآن موجودا ، فليس في الكلام ما يدلّ على وجوده الآن ، وقد وقع اتّفاق الفِرَق من المسلمين أجمعين على أنّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلاّ عليه ۱ .

1.إنّ كلّ طائفة فسّرت كلامه عليه السلام على حسب اعتقادها . إلاّ أن الحق والمتّبع ما أيده الدليل والبرهان ، أمّا أصل وجوده ( عجل اللّه تعالى فرجه ) فثابت باتفاق فرق المسلمين لا يشذّ منهم أحد . وأمّا كونه موجودا الآن ! فأدلته تفوق الإحصاء ، ومنها قوله عليه السلام المتواتر لكميل : « اللهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة ، إمّا ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا ، لئلاّ تبطل حجج اللّه وبيّناته » ، الحكمة ۱۴۷ . وأمّا قول الصوفية والمعتزلة والفلاسفة ، فأقوال باطلة لم يدل عليها دليل ، بل الدليل على بطلانه ؛ وذلك أنه أثبت لهذا ( الموصوف ) الحجة صفات لا تنطبق على ما ادّعاه هؤلاء . وذلك انا نعلم بالوجدان ، وحقائق التاريخ تؤيد أنّ هذه الأوصاف التي ذكرها الإمام عليه السلام لا تنطبق إلاّ على القائم من آل محمد عليهم السلام .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
618

الشّرْحُ :

الرّياش : اللّباس . وأسبغ : أوسع ؛ وإنّما ضربَ المثل بسليمان عليه السلام ؛ لأ نّه كان مَلِك الإنس والجنّ ، ولم يحصل لغيره ذلك . والزُّلْفة : القرب . والطُّعْمة ، بضم الطاء : المأكَلة ؛ يقال : قد جعلت هذه الضَّيْعة طُعمة لزيد . والقِسِيّ : جمع قَوْس ، وأصلها « قووس » على « فعول » ، كضرب وضروب ؛ إلاّ أنهم قدّموا اللام ، فقالوا « قُسُوّ » على « فلوع » ، ثم قلبت الواو ياء ؛ وكسروا القاف كما كسروا عين « عصيّ » فصارت « قِسِيّ » .
والعمالقة أولاد لاوذ إرم بن سام بن نوح ؛ كان الملك باليمن والحجاز وما تاخم ذلك من الأقاليم ؛ فمنهم عملاق بن لاوذ بن سام ؛ ومنهم طسم بن لاوذ أخوه . ومنهم جديس بن لاوذأخوهما . وممّن يعدّ مع العمالقة عاد وثمود .
فأمّا عاد ، فهو عاد بن عويص بن إرم بن سام بن نوح ؛ كان يعبد القمر ، وكانت بلاده الأحقاف المذكورة في القرآن ؛ وهي من شِحْر عُمان إلى حَضرَموت ؛ ومن أولاده شدّاد بن عاد ؛ صاحب المدينة المذكورة .
وأمّا ثمود ، فهو ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح ؛ وكانت دياره بين الشّام والحجازإلى ساحل نهر الحبشة .
قوله عليه السلام : « أين الفراعنة ، وأبناء الفراعنة » ؟ جمع فِرْعون ؛ وهم ملوك مصر . قوله عليه السلام : « أين أصحاب مدائن الرسّ » ؟ قيل : إنهم أصحابُ شعيب النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، وكانوا عَبَدَة أصنام ؛ ولهم مواشٍ وآبار يُسْقوْن منها .
والرسّ : بئر عظيمة جدّا انخسفت بهم ؛ وهم حولها ، فهلكوا وخسفت بأرضهم كلّها وديارهم . وقيل : الرسّ قرية بفلْج اليمامة ، كان بها قوم من بقايا ثمود بَغَوْا ، فأُهلكوا . وقيل : قوم من العرب القديمة بين الشام والحجاز .
وقيل : هم أصحاب الأُخدود ، والرسّ ، هو الأُخدود . وقيل : الرسّ أرض بأنطاكيَة .

الأصْلُ :

۰.منها :قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا ، وَأَخَذَهَا بِجَمِيـعِ أَدَبِهَا ، مِنَ الاْءِقْبَالِ عَلَيْهَا ، وَالْمَعْرِفَةِ

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8804
صفحه از 712
پرینت  ارسال به