الْعَمَى . إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيش غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ ؛ لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ .
الشّرْحُ :
أول الكلام مأخوذ من قوله سبحانه : « رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ » ۱ ، وقوله تعالى : « وَمَا كُنَّا مُعَذِّبينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً» ۲ .
الإعذار : تقديم العذر . ثم قال : إن اللّه تعالى كشف الخلق بما تعبّدهم به من الشرعيّات على ألسنة الأنبياء ، ولم يكن أمرُهم خافياً عنه ، فيحتاج إلى أن يكشفَهم بذلك ، ولكنّه أراد ابتلاءهم واختبارهم ، ليعلم أيُّهم أحسن عملاً ، فيعاقب المسيء ، ويثيب المحسن . قوله : « وللعقاب بَوَاء » أي مكافأة .
قوله عليه السلام : « أين الذين زعموا » ، هذا الكلام كناية وإشارة إلى قوم من الصحابة كانوا ينازعونه الفضل ؛ فمنهم مَنْ كان يدّعي له أنه أفرَض ، ومنهم من كان يدّعي له أنه أقرأ ، ومنهم كان يدّعي له أنه أعلم بالحلال والحرام . هذا مع تسليم هؤلاء له أنه عليه السلام أقضى الأُمّة ، وأنّ القضاء يحتاج إلى كلّ هذه الفضائل ، وكلّ واحدةٍ منها لا تحتاج إلى غيرها ، فهو إذنْ أجمع للفقه وأكثرهم احتواء عليه ، إلاّ أ نّه عليه السلام لم يرض بذلك ولم يصدق الخبر الذي قيل : « أفرَضكم فلان » إلى آخره فقال : إنّه كذب وافتراء حمل قوما على وضعه الحسدُ والبغي والمنافسة لهذا الحيّ من بني هاشم ؛ أن رفعهم اللّه على غيرهم ، واختصّهم دون مَنْ سواهم .
وأنْ هاهنا للتعليل ، أي « لأنْ » فحذف اللام التي هي أداة التعليل على الحقيقة ، قال سبحانه : « بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ » ۳ . ثم قال : « بنا يُستعطى الهُدَى ، أي يطلب أن يعطَى ، وكذلك « يستجلى » أي يطلبُ جِلاؤه . ثم قال : إنّ الأئمة من قريش ... إلى آخر الفصل .
وقد اختلف الناس في اشتراط النسب في الإمامة ، فقال قوم من قدماء أصحابنا : إنّ