37
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

مديح علي بن أبي طالب ، وبيان فضائله ، وفيها لايبدو شيعياً إمامياً في هذه الحقبة من حياته ، بل يبدو رافضياً غالياً في الرفض ... من مثل قوله في علي عليه السلام أو كما يسميه حيدراً :

واللّهِ لولا حيدرٌ ما كانت الـدّنيا ولا جَمعَ البرية مجمعُ
من أجله خُلق الزمان وضوّءَتشهبٌ كنسْنَ وجنّ ليل أدرع
علم الغيوب إليه غير مدافعوالصبح أبيض مسفِرٌ لا يدفع
وإليه في يوم المعادِ حسابناوهو الملاذ لنا غداً والمفزع
ثم يعقّب شوقي بشرح الأبيات بما ينسجم وهواه ، ثم يتحدّث عن ابن أبي الحديد : ويترك المدائن إلى بغداد نهائياً في تأريخه غير معروف تماماً ، ويبدو أنّه تخلّى عن رفضه ورجع إلى صوابه ۱ .
أما المحقق الشيخ محمد أبو الفضل ابراهيم ، فذهب إلى نفس الرأي ، لكنّه أضاف : وأصبح كما يقول صاحب نسمة السحر معتزلياً جاحظياً في أكثر شرحه للنهج ، بعد أن كان شيعياً غالياً ۲ .
وقبل الإجابة على ما أورده هذان العلمان ، نلفت نظر القارئ الكريم إلى عدة ملاحظات نسلّط من خلالها الضوء على عقيدة ابن أبي الحديد منذ صباه وحتى شيخوخته :
۱ ـ تعدّ المدارس النظامية أهم مدارس أهل السنّة في عهد السلاجقة وقد أُنشئت بناءً على أمر نظام الملك بن علي الطوسي (۴۰۸ ـ ۴۸۵ ه) وزير السلطان إلب أرسلان ملكشاه . وقد اشترط نظام الملك ، أن تكون هذه المدارس خاصة بالشافعية تعصباً منه لهذا المذهب ۳ .
وفي نصّ آخر : كان نظام الملك شافعي المذهب يوقف كلّ مدرسة من المدارس التي ينشؤها على أصحاب الإمام الشافعي ۴ .
ونستطيع القول إنّ تأسيس المدرسة المستنصرية ـ فيما بعد ـ يعتبر امتداداً لفكرة

1.عصر الدول والإمارات ، ص۳۷۸ .

2.مقدمة شرح نهج البلاغة ، ص۱۴ .

3.المنتظم ، ابن الجوزي ۱۶/۹۱ ؛ رحلة ابن جبير ، ص۱۶۴ .

4.السلاجقة في التاريخ ، أحمد كمال الدين ، ص۲۲۳ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
36

كان لابن أبي الحديد ديوان مشهور بين الناس ، لكنه لم يصل إلينا ، ذَكَره الخوانساري في روضاته ۵/۲۲ .
۱۵ ـ العلويات السبعة :
سبع قصائد طوال ، كلها في مدح أمير المؤمنين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام . قال ابن الفوطي : إنه نظمها في حياته وهو في المدائن سنة ۶۱۱ ه ، للخليفة العباسي أبي العباس أحمد بن الناصر لدين اللّه ، وقد ذكره ابن أبي الحديد في عينيّته .
۱۶ ـ المستنصريات :
وهي خمس عشرة قصيدة طويلة ، أكثرها في مدح المستنصر باللّه العباسي (۶۴۰ ه) .
۱۷ ـ نظم فصيح ثعلب :
(الفصيح) كتيب صغير في اللغة كثير الفائدة ، ألّفه أحمد بن يحيى الشيباني (۲۹۱ ه) ، وقد نظمه ابن أبي الحديد بأرجوزة ۱۲ .

مذهب ابن أبي الحديد وعقيدته :

لم يشكّ أحد من المؤرخين في أنّ ابن أبي الحديد معتزلي غارق في الاعتزال ، إلاّ أنهم اختلفوا في انتمائه المذهبي ؛ فذهب بعضهم إلى أنّه كان شيعياً غالياً ، بل رافضياً متطرّفاً في الرفض وتحوّل إلى المذهب الشافعي مذهب الدولة الرسمي ، وذهب آخرون إلى أنه كان حنبلياً ، وآخرون إلى أنّه كان شافعياً منذ صباه إلاّ أنّه معتزلي على طريقة مدرسة بغداد الاعتزالية .
قال الدكتور شوقي ضيف : يبدو أنه ـ أي عز الدين عبد الحميد (الشارح) ـ شبّ على الاعتزال والتشيّع جميعاً ، وكان ولا يزال يغدو ويروح إلى بغداد وإلى حيّ الكرخ الشيعي خاصّة ... حتى إذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره نظم قصائده السبع العلويات وهي في

1.أخذنا هذا الثبت من مصنفاته من عدة مصادر تلفيقاً من كتاب العذيق النضيد للدكتور أحمد الربيعي ، ومن مقدمة شرح النهج لمحمد أبو الفضل إبراهيم ، ومن عصر الدول والامارات للدكتور شوقي ضيف .

2.انظر في ترجمة ابن أبي الحديد : وفيات الأعيان ۵/۳۹۱ ؛ وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبي ۱/۵۱۹ ؛ والغيث المسجم للصفدي ۲/۹۱ ؛ وروضات الجنات للخوانساري ۵/۲۰ ؛ والأعلام للزركلي ۳/۲۸۹ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8479
صفحه از 712
پرینت  ارسال به