بنيانهم فوق بنيانهم ، وأعلى رؤوسهم فوق رؤوسهم ، واختارهم عليهم ! أَلا إنّ الذريّة أفنانٌ أنا شجرتها ، ودوحةٌ أنا ساقها ، وإنّى مِن أحَمدَ بمنزلة الضّوء من الضّوء ، كنّا ضلالاً تحت العرش قبل خلق البشر ، وقبل خلق الطِّينة التي كان منها البشر ، أشباحا عالية ، لا أجساما نامية ، إنّ أمرنا صعب مستصعَب ، لا يعرِف كنهه إلاّ ثلاثة : ملَك مقرّب ، أو نبيٌّ مرسَل ، أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان ، فإذا انكشف لكم سرٌّ أو وضح لكم أمر فاقبلوه ، وإلاّ فاسكُتوا تسلموا ، وردُّوا علمَنا إلى اللّه فإنّكم في أوسع مما بين السماء والأرض » .
وخامسها : قوله : «سلُوني قبل أن تفقِدوني» ، أجمع النّاس كلُّهم على أنه لم يقلْ أحد من الصحابة ، ولا أحد من العلماء : «سلوني» غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ذكر ذلك ابن عبد البر المحدّث في كتاب «الاستيعاب» ۱ .
والمراد بقوله : «فلأنا أعلم بطرُق السماء منّي بطرق الأرض» ، ما اختصّ به من العلم بمستقبل الأُمور ، ولا سيّما في الملاحم والدّول ، وقد صدّق هذا القولَ عنه ما تواتر عنه من الإخبار بالْغيوب المتكرّرة ، لا مرة ولا مئة مرة ، حتى زال الشكّ والرّيب في أنه إخبار عن علم ، وأنه ليس على طريق الاتفاق .
۲۳۶
الأصْلُ:
۰.ومن خطبة له عليه السلامأَحْمَدُهُ شُكْراً لاِءِنْعَامِهِ ، وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِهِ ، عَزِيزَ الْجُنْدِ ، عَظِيمَ الْمَجْدِ . وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ ، وَقَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِينِهِ ، لاَ يَثْنِيهِ عَنْ ذلِكَ اجْتَِماعٌ عَلى تَكْذِيبِهِ ، وَالِْتمَاسٌ لاِءِطْفَاءِ نُورِهِ .