673
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

فلا يجوزُ رفضُه واطّراحُهُ والزّهدُ فيه ، وإذا زَهدت فيه فذلك لنُقصانِ حَظّك لا لنُقْصان حَظّه ، فأمّا رَغْبَتُك في زاهدٍ فيك فمذَلّة ؛ لأنّك تطرح نفسَك لمن لا يعبأ بك ، وهذا ذُلٌّ وصَغار .

۴۶۱

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْؤُومُ عَبْدُاللّهِ .

الشّرْحُ:

ذكر هذا الكلامَ أبو عُمَر بنُ عبد البرّ في كتاب ( الاستيعاب ) عن أميرِ المؤمنين عليه السلام في عبدِ اللّه ابن الزبير ، إلاّ أنّه لم يَذكُر لفظة المشؤوم .
يُكنى عبدُ اللّه بن الزبير أبا بكر . وشَهِد عبدُ اللّه الجَمَل مع أبيه وخالتِه . فيه خلال لا يَصلُح معها للخلافة ، فإنّه كان بخيلاً ضَيِّق العَطَن سيّء الخُلُق حَسُوداً ، كثيرَ الخلاف ، وبُويع له بالخلافة سنةَ أربع وستّين في قول أبي مَعشر . كان يُطعِم جندَه تمرا ، ويأمُرهم بالحرْب ، فإذا فَرّوا مِن وَقع السّيوف لا مَهم وقال لهم : أكَلتم تَمْري ، وعَصيْتم أمري .
جَمَع عبدُ اللّه بنُ الزبير محمدَ بن الحنفية وعبدَ اللّه بن عباس في سبعةِ عشر رجلاً من بني هاشم ، منهم الحسن بنُ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وحصَرَهم في شِعْب بمكة يُعرَف بشعب عارِم ، وقال : لا تمضي الجمعةُ حتى تُبايعوا إليَّ أو أضرب أعناقَكم ، أو أُحرّقكم .
قطع عبد اللّه بن الزبير في الخطبة ذكرَ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم جُمعا كثيرة ، فاستعظم الناس ذلك ، فقال : إني لا أرغب عن ذكره ، ولكنّ له أُهيل سوء إذا ذكرتُه أتلعوا أعناقَهم ، فأنا أُحِبّ أن أكْبِتهم .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
672

والجيّد النادر في هذا قولُ الشاعر :

فإنّك إنْ أعطَيْتَ بطنَك سُؤلَهوفَرْجَك نالاَ مُنتهَى الذَّمِّ أَجمعَا ۱

۴۵۹

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً ۲ .

الشّرْحُ:

قد تقدَّم القولُ في المزاح . وكان يقال : خيرُ المزاحِ لا يُنال ، وشرّه لا يُستقَالُ . وقيل : إنّما سُمِّيَ المِزاحُ مِزاحا ؛ لأنّه أُزِيح عن الحقّ .

۴۶۰

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :زُهْدُكَ فِي رَاغِبٍ فِيكَ نُقْصَانُ حَظٍّ ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِدٍ فِيكَ ذُلُّ نَفْس .

الشّرْحُ:

أي نقصانُ حظٍّ لك ، وذلك لأنّه ليس مِن حقّ مَن رَغِب فيك أن تَزهَد فيه ؛ لأنّ الإحسان لا يُكافَأ بالإساءة ، وللقصد حُرْمة ، وللآمل ذِمام ، ومن طَلَب مودّتك فقد قَصَدك ، وأمّلك ،

1.لحاتم الطائي ، ديوانه : ص ۱۱۴ .

2.المزْح والمُزاح : المضاحكة بفعل أو قول . ومجّ الماء من فيه : رماه ، ويقال : هذا كلام تمجّه الأسماع أي تستكرهه . والمزاح الحرام هو ما يؤدي إلى الحرام . وأمّا المزاح في حدود الشرع جائز .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5722
صفحه از 800
پرینت  ارسال به