663
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

وراوَدَ رجل امرأة عن نفسها ، فقالت له : إن امرأً يبيع جنّةً عرضُها السماوات والأرض بمقدار إصبَعين لجاهلٌ بالمساحَة ؛ فاستحيا ورَجَع .

۴۴۳

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :اُخْبُرْ تَقْلَهْ.

قال الرضي رحمه الله : ومن الناس من يروي هذا لرسول الله صلى الله عليه و آله وسلم . ومما يقوّي أنّه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه ثَعلب قال : حدّثنا ابنُ الأعرابيّ ، قال : قال المأمون : لولا أن علياً عليه السلام قال : «اُخْبُرْ تَقْلَهُ» لقلت أنا : اِقْلَهْ تَخْبُرْ .

الشّرْحُ:

المعنى اختَبِر الناسَ وَجرِّبهم تُبغِضهم ، فإن التجربةَ تكشف لك عن مَساوِيهم وسوءِ أخلاقهم ، فَضربَ مَثلاً لمن يُظَنّ به الخيرُ وليس هناك ، فأمّا قول المأمون : لولا أنّ عليّا قاله لقُلتُ : اقْلَهْ تَخْبُر ، فليسَ المراد حقيقة القِلَى ، وهو البُغْض بل المراد الهَجْر والقطيعة ، يقول : قاطِعْ أخاك مجرّبا له هل يَبقَى على عَهدِك أم يَنقُضه ويحوّله عنك .
ومن المعنى الأوّل قولُ أبي العَلاء :

جرّبتُ دهرِي وأهلِيه فما تَركتْليَ التجاربُ في وُدِّ امرئٍ غَرَضَا ۱

۴۴۴

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :مَا كَانَ اللّهُ لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ ، وَيُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الاْءِجَابَةِ ، وَلاَ لِيَفْتَحَ

1.سقط الزند : ص ۶۵۶ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
662

لها فَوْتاً أيضا عندهم ، فهم خَصْم لِما سالَمه الناسُ مِن الشهوات ، وسِلْم لِما عاداه الناس من العُلوم والعبادات ، وبهم عُلم الكتاب ، لأنّه لولاهم لما عُرِف تأويل الآيات المتشابهات ، ولأَخَذَها الناسُ على ظواهرها فضلّوا وبالكتاب عُلموا ، لأنّ الكتابَ دلّ عليهم ، ونبّه الناس على مواضعهم ، نحو قوله : «إنما يَخشَى اللّهَ من عبادِه العلماءُ» . وقوله : «هل يستَوي الذين يعلمون والذين لا يَعلمون» ۱ . وقوله : «ومَن يُؤْتَ الحكمةَ فقد أُوتيَ خيرا كثيرا» ۲ .
ونحو ذلك من الآيات التي تنادي عليهم ، وتَخطُب بفَضْلهم ، وبهم قام الكتاب ؛ لأنهم قرّرُوا البَراهين على صِدْقه وصحة وروده من اللّه تعالى على لسان جبريل عليه السلام ولولاهم لم يَقُم على ذلك دَلالة للعوامّ ، وبالكتاب قاموا ، أي باتباع أوامر الكتاب وآدابه قاموا ، لأنّه لولا تأدُّبهم بآداب القرآن ، وامتثالهم أوامرَه ؛ لما أَغنى عنهم عِلمُهم شيئا ، بل كان وَبالُه عليهم ، ثم قال : إنّهم لا يَرَوْن مَرْجُوّا فوق ما يَرْجون ، ولا مَخُوفاً فوق ما يخافون ، وكيف لا يكونون كذلك ومَرْجُوُّهم مجاوَرة اللّه تعالى في حظائر قُدْسه ، وهل فوق هذا مَرْجُوّ لراجٍ ! ومخوفهم سخط اللّه عليهم وإبعادُهم عن جَنَابه ، وهل فوق هذا مخوفٌ لخائف!

۴۴۲

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :اذْكُرُوا انْقِطَاعَ اللَّذَّاتِ ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في نحو هذا مراراً ؛ وقال الشاعر :

تفنى اللّذاذةُ ممن نال بُغْيَتَهُمن الحرام ، ويَبقَى الإثمُ والعارُ
تبقى عواقب سُوءِ في مَغبّتهالا خير في لذّة من بعدها النّارُ

1.سورة الزمر ۹ .

2.سورة البقرة ۲۶۹ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5831
صفحه از 800
پرینت  ارسال به