۴۱۳
الأصْلُ:
۰.وقال عليه السلام لِعَمَّار بِن ياسِرٍ رحمه الله وقد سَمِعهُ يراجعُ المغيرةَ بنَ شُعبة كلاماً :
دَعْهُ يَا عَمَّارُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الدِّينِ إِلاَّ مَا قَارَبَهُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَعَلَى عَمْدٍ لَبَّسَ عَلَى نَفْسِهِ ، لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِهِ ۱ .
الشّرْحُ:
أصحابُنا غيرُ متَّفقين على السكوت على المغيرة ، بل أكثر البغداديِّين يفسِّقونه ، ويقولون فيه ما يقال في الفاسق . وكان إسلامُ المغيرة من غير اعتقاد صحيح ، ولا إنابة ونيّة جميلة ، كان قد صَحب قوما في بعض الطُّرق ، فاستغفَلهم وهم نيام ، فقتلهم وأخذ أموالهم وهرب خوفا أن يُلحَق فيُقتل ، أو يؤخذ ما فاز به من أموالهم ؛ فقَدم المدينة فأظهر الإسلام ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لا يردّ على أحدٍ إسلامَه . وكانت خاتمته ما قد تواتر الخبر به ؛ من لعن عليٍّ عليه السلام على المنابر إلى أن مات على هذا الفعل ، وكان المتوسط من عمره الفِسْق والفُجور وإعطاء البَطْن والفَرْج سؤالهما ، وممالأة الفاسِقِين ، وصرْف الوقت إلى غير طاعة اللّه ، كيف نتولاّه ! وأيّ عُذْر لنا في الإمساك عنه ، وألاّ نكشف للناس فِسْقَه!
فأمّا عمار بن ياسر رحمه الله حليف بني مخزوم ، أسلم هو وأخوه وأبوهما وسميّة اُمهما ، وكان إسلامُهم قديما في أوّل الاسلام ، فعذّبوا في اللّه عذابا عظيما . قتل عمار وهو ابن ثلاثٍ وتسعين سنةً [ في صفّين بين يدي إمامه علي عليه السلام ] ، والخبر المرفوع مشهور في حقّه : «تقتلك الفئة الباغية» . وقال صلى الله عليه و آله وسلم في عمار : «مُلئ إيمانا إلى مشاشه» . وفضائله كثيرة .