أن يجعلها غير شاقّة عليهم بأن يزيد في قَدْرهم ، وجب أن يكون في مقابلة تلك التكاليف ثواب ؛ لأنّ إلزام المشاق كإنزال المَشاقّ ، فكما يتضمن ذلك عوض ، وجب أن يتضمّن هذا ثوابا ، ولابد أن يكون في مقابلة فعل القبيح عِقاب ، وإلاّ كان سبحانه ممكّنا الإنسان من القبيح ، مغرِيا له بفعله ، إذ الطبع البشري يهوى العاجل ، ولا يَحفِل بالذمّ ، ولا يكون القبيح قبيحا حينئذٍ في العقل ، فلابدّ من العقاب ليقع الانزجار .
۳۷۵
الأصْلُ:
۰.يَأْتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ لاَ يَبْقَى فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ ، وَمِنَ الاْءِسْلاَمِ إِلاَّ اسْمُهُ ، وَمَسَاجِدُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ ، خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى ، سُكَّانُهَا وَعُمَّارُهَا شَرُّ أَهْلِ الْأَرْض ، مِنْهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ ، وَإِلَيْهِمْ تَأْوِي الْخَطِيئَةُ ؛ يَرُدُّونَ مَنْ شَذَّ عَنْهَا فِيهَا ، وَيَسُوقُونَ مَنْ تأَخَّرَ عَنْهَا إِلَيْهَا . يَقُولُ اللّهُ سُبْحَانَهُ : فَبِي حَلَفْتُ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولئِكَ فِتْنَةً أترُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ . وَقَدْ فَعَلَ ، وَنَحْنُ نَسْتَقِيلُ اللّهَ عَثْرَةَ الْغَفْلَةِ .
الشّرْحُ:
هذه صفةُ حالِ أهلِ الضّلال والفِسق والرِّياء من هذه الأُمّة ، ألا تراه يقول : سُكّانها وعُمّارها ، يعني سكّان المساجد ، وعمّار المساجد شرّ أهل الأرض ؛ لأنهم أهل ضلالة كمن يَسكن المساجد الآن ممّن يعتقد التجسم والتشبيه والصّورة والنّزول والصعود والأعضاء والجوارح، ومن يقول بالقَدَر يُضِيف فعل الكُفْر والجهل والقبيح إلى اللّه تعالى ، فكل هؤلاء أهل فتنة ، يردُّون من خرج منها إليها ، ويسوقون من لم يدخل فيها إليها أيضا .
ثم قال حاكياً عن اللّه تعالى : إنه حلف بنفسه ليبعثنّ على أولئك فتنةً ، يعني استئصالاً وسيفاً حاصداً يترك الحليمَ أي العاقل اللّبيب فيها حيران لا يعلم كيف وجهُ خَلاصه .
ثم قال عليه السلام : وقد فعل . وينبغي أن يكون قد قال هذا الكلام في أيام خلافته ، لأنّها كانت