567
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

الشّرْحُ:

هذا مِثل قولهم في المَثَل : الليلُ طويل ، وأنتَ مُقمِر ؛ وقال أصحابُ المعاني : مَثَل الدنيا كرَكْبٍ في فَلاة وَرَدوا ماءً طيّبا ، فمنهم من شَرِب من ذلك الماء شُرْباً يسيرا ، ثمّ فكر في بُعد المسافة الّتي يَقصِدونها ، وأنّهُ ليس بعد ذلك الماء ماءٌ آخَر ، فتزوّد منه ماءً أوصَلَه إلى مَقصِده ، ومنهم من شَرِب من ذلك الماءِ شُرْباً عظيما ولَها عن التزوّد والاستعداد ، وظَنّ أنّ ما شَرِب كافٍ له ومُغْنٍ عن ادّخار شيء آخَر ، فقطع به ، وأخْلَفَه ظَنُّه ، فعَطِش في تلك الفَلاة ومات ۱ .

۲۸۷

الأصْلُ:

۰.لَيْسَتِ الرُّؤيَةُ مَعَ الإبْصَارِ ، فَقَدْ تَكْذِبُ الْعُيُونُ أَهْلَهَا ، وَلاَ يَغُشُّ الْعَقْلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ .

الشّرْحُ:

هذا مِثلُ قولِه تعالى : «فَإنَّها لاَ تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الّتي فِي الصُّدُور» ۲ ، أي ليس العَمَى عَمَى العين ، بل عَمَى القَلْب .
كذلك قولُ أمير المؤمنين عليه السلام ، ليست الرؤية مع العُيون ، وإنما الرؤية الحقيقيّة مع العُقول . وقد ذهب أكابر الحكماء إلى أن اليقينيات هي المعقولات لا المحسوسات . قالوا : لأنّ حكم الحسّ في مظنة الغلط فأمّا العقل لا يقع فيه غلط أصْلاً .

1.لا سفر أبعد من سفر الآخرة ، ولا موقف أصعب من الوقوف للحساب ، ولا زاد أفضل من التقوى والعمل الصالح .

2.سورة الحج ۴۶ .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
566

الشّرْحُ:

لا ريبَ أنّ من أراد حِفْظَ كتاب من الكُتُب العلميّة فحَفِظ منه قليلاً قليلاً ، ودام على ذلك ، فإنّ ذلك أنفعُ له وأرجَى لِفَلاحه من أن يَحفَظ كثيراً ، ولا يَدُوم عليه لمَلالِه إيّاه وضَجَره منه ، والتجربة تَشهَد بذلك . والقول في غير الحفظ كالقول في الحفظ ، نحو الزيادة القليلة ، ونحو العطاء اليسير الدائم غير المنقطع الذي هو خيرٌ من الكثير المنقطع ونحو ذلك .

۲۸۵

الأصْلُ:

۰.إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بالْفَرَائِض فارْفُضُوهَا .

الشّرْحُ:

ولا ريبَ أنّ مَنْ استغرَق الوقتَ بالنّوافل حتّى آنَ أوقاتِ الفرائض لم يفعل الفرائضَ فيها ، وشَغَلها بالعبادة النَّفْليّة ، فقد أخطأ ؛ والواجب أنْ يَرفُض النافلةَ حيث يتضيّق وقتُ الفريضة، لا خلافَ بين المسلمين في ذلك ، ويَصلُح أن يكون هذا مَثَلاً ظاهرُه ما ذكرْنا ، وباطنُه أمرٌ آخَر ۱ .

۲۸۶

الأصْلُ:

۰.مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ اسْتَعَدَّ .

1.تقدّم مثلها في الحكمة ۳۹ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5796
صفحه از 800
پرینت  ارسال به