۲۶۷
الأصْلُ:
۰.وقال عليه السلام : لما بلغه إغارة أصحاب معاوية على الأنبار ، فخرج بنفسه ماشياً حتى أتى النّخَيْلَة ، وأدركهُ الناس ، وقالوا : يا أميرالمؤمنين ، نحن نكفيكهم فقال عليه السلام :
وَاللّهِ مَا تَكْفُونَنِي أَنْفُسَكُمْ ، فَكَيْفَ تَكْفُونَنِي غَيْرَكُمْ ! إِنْ كَانَتِ الرَّعَايَا قَبْلِي لَتَشْكُو حَيْفَ رُعَاتِهَا ، فانَّنِي الْيَوْمَ لَأَشْكُو حَيْفَ رَعِيَّتِي ، كَأَنَّنِيَ الْمَقُودُ وَهُمُ الْقَادَةُ ، أَوِ المَوْزُوعُ وَهُمُ الْوَزَعَةُ .
قال : فلما قال هذا القول في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب ، تقدم إليه رجلان من أصحابه ، فقال أحدهما : إنّي لاَ أملك إلاّ نفسي وأخي ، فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين نُنَفِّذْ ، فقال : وأَيْنَ تَقَعَانِ مِمَّا أُرِيدُ؟!
الشّرْحُ:
النُّخَيْلة : بظاهر الكُوفة ، ورُوِي «ما تَكْفُوني» بحذف النون . والحيْف : الظلم . والوَزَعة : جمع وازِع ، وهو الدافع الكافّ ۱ .
ومعنى قوله : «ما تكفُونني أنفسَكم» ، أي أفعالُكم رديئةٌ قبيحةٌ تحتاجُ إلى جند غيركم أستعين بهمْ على تثقيفِكم وتهذيبكم ، فَمَنْ هذه حاله كيف أُثقِّف به غيرَه ، وأُهذِّب به سواه ؟!
وإن كانت الرعايا : إنْ هاهنا مخفَّفة من الثقيلة ، ولذلك دَخَلت اللام في جوابها .
وقد تقدّم ۲ ذكرُنا هذين الرّجلين ، وإن أحدَهما قال : يا أمير المؤمنين ؛ أقول لكَ ما قاله العبْد الصالح : «ربِّ إنِّي لا أملِك إلاّ نفسي وأخِي» ۳ . فشكر لهما وقال : وأين تقعان ممّا أريد ؟!