شاء ، ويستخرج منها ما أراد ، أعنِي القُوَى النفسانيّة الّتي هي محلّ الصّوَر والمعاني على ما هو مذكور في موضعه . وأمّا القنيات والمحْسوسات فإنّه يروم منها مِثل ما يَرومُ من تلك ، وأن يُودِعها خزِانةً محسوسةً خارجةً عن ذاته ، لكنّه يَغلَط في ذلك من حيث يَستكْثِر منها ، إلى أن يتنبّه بالحِكْمة على ما ينبغي أن يقتنيَ منها ، فأما من كثرت قِنياته فإنّه يستكثر حاجاتِه بحَسَب كثرة قِنياته ، وعلى قدْرها رغّبه إلى الاستكثارِ بكثرة وجوه فَقْره ، وقد بُين ذلك في شرائع الأنبياء، وأخلاقِ الحكماء، فأما الشيء الرخيصُ الموجود كثيرا فإنّما يُرغَب عنه ، لأنّه معلوم أنه إذا التمسَ وُجد والغالي فإنّما يقدر عليه في الأحيان ويصيبه الواحدُ بعدَ الواحد ، وكلّ إنسان يتمنى أن يكون ذلك الواحدُ ليصيبَه وليحصُلَ له ما لا يَحصُل لغيره .
۲۴۳
الأصْلُ:
۰.احْذَرُوا نِفَارَ النِّعَمِ فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ .
الشّرْحُ:
هذا أمرٌ بالشُّكْر عَلَى النعمة وتركِ المعاصي ، فانّ المعاصيَ تُزِيل النِّعَم كما قيل :
إذا كنتَ في نِعمةٍ فارْعَهافانّ المَعاصي تُزيل النِّعَمْ
وقال بعض السلف : كُفْران النِّعْمة بَوار ، وقلّما أقلعتْ نافرةٌ فرجعتْ في نصابها ، فاستَدْعِ شارِدَها بالشّكر ، واستَدِمْ راهنها بكَرَم الجِوار ، ولا تحسب أنّ سُبوغَ ستر اللّه عليك غير متقلّص عمَّا قليل عنك إذا أنتَ لم تَرْجُ للّه وَقارا .
۲۴۴
الأصْلُ:
۰.الْكَرَمُ أَعْطَفُ مِنَ الرَّحِمِ ۱ .