الغَنِيُّ الحَمِيد» ۱ .
والثاني : لكَثْرة حاجاتهم فأغناهم لا مَحَالة أقلّهم حاجة ، ومن سدّ مَفاقِره بالمُقتَنَيات فما في انسدادِها مطمَع ، وهو كَمَن يَرقَع الخَرْق بالخَرْق ، ومن يَسُدّها بالاستغناء عنها بقَدْر وُسْعه والاقتصار على تَناوُل ضروريّاته فهو الغنيّ المقرَّب من اللّه سبحانه ، كما أشار إليه في قصّة طالوتَ : «إنّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَّهُ مِنّي إلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ» ۲ ، قال أصحاب المعاني والباطن : هذا إشارةٌ إلى الدنيا .
۲۲۶
الأصْلُ:
۰.وسُئل عليه السلام عن قـول اللّه عزّ وجلّ : «فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً» ۳ ، فَقَالَ : هِيَ الْقَنَاعَةُ .
الشّرْحُ:
لا ريبَ أنّ الحياةَ الطّيبة هي حياةُ الغِنَى ، وقد بيّنّا أن الغَنِيَّ هو القَنُوع ، لأنّه إذا كان الغِنَى عدمُ الحاجة فأغنَى النّاس أقلُّهم حاجةً إلى الناس ، ولذلك كان اللّه تعالى أغْنَى الأغنياء ، لأنّه لا حاجةَ به إلى شيء ، وعلى هذا دَلّ النبيُّ بقوله صلى الله عليه و آله وسلم : « ليس الغِنَى بكَثْرة العَرَض ، إنّما الغِنَى غِنَى النّفس» .
وقال أصحابُ هذا الشأن : القَناعة من وجهٍ صَبْر ، ومِنْ وَجْهٍ جُود ، لأنّ الجُودَ ضَرْبان : جودٌ بما في يدك منتَزعا ، وجودٌ عمّا في يدِ غيرك متورِّعا ، وذلك أشرَفهما .