الشّرْحُ:

قال صاحبُ الصّحاح : نَوْفُ البَكاليّ كان صاحبَ عليّ عليه السلام . وقال ثعلب : هو منسوبٌ إلى قبيلة تُدعَى بَكالة ، ولم يذكر من أيّ العرب هي ، والظاهر أنّها من الَيمَن .
قوله : أم رامق ، أي أم مستيقِظٌ تَرمُق السماءَ والنجومَ ببَصَرِك .
قوله : قَرَضوا الدّنيا ، أي تَرَكوها وخَلّفوها وراءَ ظهورِهم ، قال تعالى : «وَإذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمالِ» ^۱ أيتَترُكهُم وتَخلفُهم شمالاً ، ويقول الرجل لصاحبه : هل مَررتَ بمكانِ كذا ، يقول : نَعَم قرَضْته ليلاً ذاتَ الَيمين .

۱۰۲

الأصْلُ:

۰.إِنَّ اللّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ فَرَائِضَ ، فَـلاَ تُضَيِّعُوهَا ؛ وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً ، فَـلاَ تَعْتَدُوهَا ؛ وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَـلاَ تَنْتَهِكُوهَا ؛ وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً ، فَـلاَ تَتَكَلَّفُوهَا ^۲ .

الشّرْحُ:

قال اللّه تعالى : «لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤكُمْ» ^۳ . وجاء في الأثر : أبهِموا ما

الشّرْحُ:

هذا الفصل بَيّنٌ في نفسِه لا يَحتاج إلى شَرْح ، وذلك لأنّ عَمَل كلّ واحدة من الدارين مُضادٌّ لِعَمل الأُخرى ، فعَمَل هذا : الاكتساب ، والاضطراب في الرزق ، والاهتمام بأمر المعاش ، والولد والزوجة ، وما ناسَبَ ذلك . وعمل هذه : قَطْعُ العلائق ، ورفض الشهوات ، والانتصاب للعبادة ، وصَرْف الوجه عن كلّ ما يصدّ عن ذِكرِ اللّه تعالى ؛ ومعلومٌ أنّ هذين العَمَلين متضادّان ، فلا جَرَم كانت الدّنيا والآخرة ضرّتين لا يجتمعان!

۱۰۱

الأصْلُ:

۰.وعن نوف البكّائي ـ وَقِيلَ البَكالِيّ باللاّمِ ؛ وَهُوَ الأصَح ـ قَالَ :
رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه ، فنظر إلى النجوم ، فقال لي :
يَا نَوفُ ، أرَاقِدٌ أَنْتَ أمْ رامِقٌ ؟ فقلت : بل رامِقٌ يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ ؛ قال : يَا نَوْفُ ، طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا ، الرَّاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ ، أُولئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً ، وَتُرَابَهَا فِرَاشاً ، وَمَاءَهَا طِيباً ، وَالْقُرْآنَ شِعَاراً ، وَالدُّعَاءَ دِثَاراً ، ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ . يَانَوْفَ ، إِنَّ دَاوُودَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِي مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : إِنَّهَا لسَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً ، أَوْ عَرِيفاً ، أَوْ شُرْطِيّاً ، أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ ـ وَهِيَ الطُّنْبُورُ ـ أَوْ صَاحِبَ كَوْبَةٍ ، وَهِيَ الطَّبْلُ .
وَقَدْ قِيلَ أيضا : إنَّ العَرْطَبَةَ الطَّبْلُ ، والكَوْبَةُ الطُّنْبُورُ ^۱ .