385
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

۲۷

الأصْلُ:

۰.امْش بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ .

الشّرْحُ:

يقول : مهما وجدتَ سبيلاً إلى الصّبر على أمرٍ من الأُمور الّتي قد دفعت إليها ، وفيها مشَقّة عليك ، وضرر لاحِقٌ بك ، فاصبر ولا تلتمسْ طريقا إلى تغيير ما دفعت إليه أن تَسلُكها بالعُنْف ، ومُراغَمة الوقت ، ومعاناة الأقْضية والأقدار ؛ ومِثال ذلك من يَعرِض له مَرَض ما يُمكِنه أن يَحتمِله ويدافع الوقت ، فإنّه يجب عليه ألاّ يَطرَح جانبَه إلى الأرض ، ويَخلُد إلى النوم على الفِراش ، ليعالج ذلك المرض قوّة وقهرا ؛ فربما أفضَى به مقاهرة ذلك المَرَض الصغير بالأدوية إلى أن يصير كبيرا مُعضِلاً .

۲۸

الأصْلُ:

۰.أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ .

الشّرْحُ:

إنما كان كذلك ؛ لأنّ الجَهْر بالعبادة والزّهادة والإعلان بذلك قلَّ أن يَسلم من مخالطة الرّياء .
شاعر :

معشرٌ أثبتَ الصلاةَ عليهمْلجِباهٍ يشقُّها المِحراب
عَمَرُوا مَوْضع التصنُّعِ منهمْومكانُ الإخلاص منهمْ خَرابُ


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
384

الشّرْحُ:

هذا الكلام تخويف وتحذير من الاستدراج ؛ قال سبحانه : «سنسْتَدْرِجُهُمْ من حيثُ لا يعلَمُون» ۱ ؛ وذلك لأنّ العبد بغروره يعتقد أنّ موالاة النِّعَم عليه وهو عاص من باب الرِّضا عنه ، ولا يعلم أنّه استدراج له ونقمةٌ عليه .
فإن قلت : كيف يصحّ القول بالاستدراج على أُصولكم في العدل ، أليس معنى الاستدراج إيهام العبد أنّه سبحانه غيرُ ساخط فعله ومعصيته ، فهل هذا الاستدراج إلاّ مفسدةٌ وسببٌ إلى الإصرار على القبيح؟
قلت : إذا كان المكلَّف عالِما بقبح القبيح ، أو متمكِّنا من العِلْم بقُبْحه ثم رأى النِّعَم تتوالى عليه وهو مُصِرٌّ على المعصية ، كان تَرَادُف تلك النِّعَم كالمنبِّه له على وجوب الحذَر .

۲۶

الأصْلُ:

۰.مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ ، وصَفَحَاتِ وَجْهِهِ .

الشّرْحُ:

قال زُهيرُ بنُ أبي سُلمَى :

ومَهمَا تكن عند امرئٍ مِنْ خليقةٍوإن خالَها تَخفَى على الناس تُعلَمِ
وكان يقال : العين والوجه واللّسان أصحاب أخبار على القلب ، وقالوا : القلوب كالمرايا المتقابِلة ؛ إذا ارتسمَتْ في إحداهنّ صورةٌ ظهرتْ في الأُخرى .

1.سورة الأعراف ۱۸۲ .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5770
صفحه از 800
پرینت  ارسال به