وقد دبّرتْ من قبلُ قريش في حماية العِير بأن نفَرتْ على الصَّعْب والذَّلول لِتدفَع رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله وسلمعن اللَّطيمة ، فكان هلاكُها في تدبيرِها .
وكُسِرت الأنصارُ يومَ أُحُد بأن أخرَجت النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم عن المدينة ظنّا منها أن الظفر والنُّصْرة كانت بذلك ، وكان سببُ عَطَبها وظَفر قريشٍ بها ، ولو أقامت بين جُدْران المدينة لم تَظفرُ قريشٌ منها بشيء .
ودَبَّر أبو مسلم أمرَ الدّولة الهاشميّة ، وقام بها حَتّى كان حَتْفُه في تدبيره .
وكذلك جَرَى لأبي عبدِ اللّه المحتسِب مع عبدِ اللّه المهديّ بالمغرب .
وأمثالُ هذا ونظائرُه أكثرُ من أن تُحصَى .
۱۸
الأصْلُ:
۰.وَسُئِلَ عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه و آله : «غَيِّرُوا الشَّيْبَ ، وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» ؛ فَقَال عليه السلام :
إِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه و آله ذلِكَ وَالدِّينُ قُلٌّ ، فَأَمَّا الآنَ وَقَدِ اتَّسَعَ نِطَاقُهُ ، وَضَرَبَ بَجِرَانِهِ ، فَامْرُؤٌ وَمَا اخْتَارَ .
الشّرْحُ:
اليهودُ لا تَخضِب ، وكان النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم أمر أصحابه بالخِضابِ ليكونوا في مَرْأى العين شَباباً ، فيَجْبنَ المشركون عنهم حال الحرْب ، فإنّ الشيخَ مَظِنّة الضَّعف .
قال عليٌّ عليه السلام : «كان ذلك والإسلامُ قُلّ» ، أي قليل ؛ وأمّا الآن وقد اتّسع نطاقُه وضَرَب بجِرانه فقد سَقط ذلك الأمرُ وصار الخضاب مُباحا غيرَ مندوب .
والنِّطاق : ثوبٌ تلبَسه المرأةُ لبسةً مخصوصة ، ليس بصُدرةِ ولا سراويلَ ، واستعارَ أميرُ المؤمنين عليه السلام هذه اللّفظة لسَعة رُقْعة الإسلام ، وكذلك استعار قوله : «وضَرَب بجِرانه» ، أي أقام وثَبَت ، وذلك لأنّ البعير إذا ضَرَب بجِرانه الأرض ـ وجِرانهُ مقدَّم عنقِه ـ فقد استناخ