369
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

الشّرْحُ:

قوله عليه السلام : «أزرى بنفسه» ، أي قصّر بها . مَن استشعر الطمع ، أي جعله شعاره أي لازمه . وفي الحديث المرفوع : «إنّ الصّفا الزّلزال الذي لا تَثبت عليه أقدام العلماء الطمع» .
قوله عليه السلام : «من كشف للناس ضرّه» ، أي شكى إليهم بؤسه وفقره ، فقد رضي بالذل . وفي حفظ اللسان : كان يقال : حفظ اللسان راحة الإنسان ، وكان يقال : ربّ كلمة سفكت دما ، وأورثت ندما .

۳

الأصْلُ:

۰.الْبُخْلُ عَارٌ ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ ، وَالفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حَاجَتِهِ ، وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ ۱ .

الشّرْحُ:

وما أحسن قول القائل : كفى حزنا أنّ الجواد مقتَر عليه ، ولا معروف عند بخيل . وكان يقال : البخل مهانة ، والجود مهابة . ومثل قوله : «الفقر يخرس الفَطِن عن حاجته» ، قولُ الشاعر :

فَللمَوْتُ خيرٌ من حياة يرى لهاعلى الحرّ بالإقلال وسْمُ هَوانِ
متَى يتكلّمْ يُلْغَ حُكْمُ كلامِهوإن لم يقُلْ قالوا عديم بيانِ
ومثل قوله عليه السلام : «والمقلّ غَريب في بلدته» ، قول خَلف الأحمر :

لا تظنّي أنّ الغريب هو النّائِي ولكنّما الغريب المقلُّ
وكان يقال : مالُك نورُك ، فإن أردت أن تنكسف ففرّقه وأتلفه .

1.المنقصة : المذمّة والعيب . المقلّ : الفقير الذي لا مال له .


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
368

۱

الأصْلُ:

۰.كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ .

الشّرْحُ:

ابن اللّبون : ولد النّاقة الذّكر إذا استكمل السّنة الثانية ودخل في الثالثة ؛ ولا يقال للأُنثى : ابنة اللّبون ؛ واللّبون من الإبل والشاة : ذات اللّبَن ، غزيرة كانت أو بِكيئة ۱ ، ويقال : ابن لَبُون وابن اللّبون ، منكّرا أو معرّفا . وابن اللّبون لا يكون قد كمل وقويَ ظهره على أن يركب ، وليس بأُنثى ذات ضرعٍ فيُحلب ، وهو مطّرح لا يُنتفع به .
وأيّام الفتنة هي أيّام الخصومة والحرب بين رئيسيْن ضالّين يدعوان كلاهما إلى ضلالة كفتنة عبد الملك وابن الزبير وفتنة مروان والضحّاك وفتنة الحجّاج وابن الأشعث ونحو ذلك ، فأمّا إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجَمل وصِفِّين ونحوهما بل يجب الجهاد مع صاحب الحقّ وسلّ السّيف والنهي عن المنكر وبذل النّفس في إعزاز الدين وإظهار الحقّ .
قال عليه السلام : أخمِل نفسك أيام الفتنة ، وكن ضعيفا مغمورا بين النّاس ، لا تصلح لهم بنفسك ، ولا بمالك ، ولا تنصر هؤلاء وهؤلاء .
وقوله : «فيركَبَ» [ و ] «فيُحلبَ» ، منصوبان لأنهما جواب النفي ، وفي الكلام محذوف تقديره : «له» ؛ وهو يستحق الرفع ؛ لأنّه خبر المبتدأ ، مثل قولك : لا إله إلاّ اللّه ، تقديره «لنا» ، أو «في الوجود» .

۲

الأصْلُ:

۰.أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الَّطمَعَ ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عن ضُرِّه ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ .

1.البكيئة : قليلة اللبن .

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5724
صفحه از 800
پرینت  ارسال به