۷۱
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود العبدي
وقد كان استعمله على بعض النواحي ، فخان الأمانة في بعض ما ولاّه من أعماله :أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ صَلاَحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ ، وَظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِـعُ هَدْيَهُ ، وَتَسْلُكُ سَبِيلَهُ ، فَإِذَا أَنْتَ فِيَما رُقِّيَ إِلَيَّ عَنْكَ لاَ تَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِيَاداً ، وَلاَ تُبْقِي لاِخِرَتِكَ عَتَاداً . تَعْمُرُ دُنْيَاكَ بَخَرَابِ آخِرَتِكَ ، وَتَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ . وَلَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَشِسْعُ نَعْلِكَ خَيْرٌ مِنْكَ ، وَمَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسَدَّ بِهِ ثَغْرٌ ، أَوْ يُنفّذَ بِهِ أَمْرٌ ، أَوْ يُعْلَى لَهُ قَدْرٌ ، أَوْ يُشْرَكَ فِي أَمَانَةِ ، أَوْ يُؤْمَنَ عَلَى جِبَايَةٍ ،فَأَقْبِلْ إِلَيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيْكَ كِتَابِي هذَا إِنْ شَاءَ اللّهُ .
قال الرضي رحمه اللّه تعالى :
المنذر بن الجارود هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام : إنه لنّظّارٌ في عِطفيه مختال في بُرْدَيْه تَفّالٌ في شِرَاكَيْهِ .
الشّرْحُ:
هو المُنذِر بنُ الجارود . واسم الجارود بشْرُ بنُ خُنَيس بن المعلّى . ووفد الجارودُ على النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمفي سنة تسع ، وقيل : في سنة عشرٍ . وذَكَر أبو عمرَ بنُ عبدِ البرّ في كتاب (الاستيعاب) أنه كان نصرانيّا فأسلم وحَسُن إسلامُهُ ، وسَكَن الجارودُ البَصْرة ، وقُتِل بأرض فارس .
فأمّا المُنذِر بنُ الجارُود فكان شريفا ، غيرُ معدود في الصّحابة ، وكان تائها مُعجَبا بنفسِه .
قوله عليه السلام : «إنّ صلاح أبيك غرّني منك» ، قد ذَكرْنا حال الجارود وصحبتَه وصلاحه ، وكثيرا ما يغترّ الإنسان بحال الآباء فيظنّ أنّ الأبناءَ على منهاجهم ، فلا يكون الأمرُ كذلك