وقال الراونديّ : عَنَى بقوله : «رُضِخَت لهم الرضائخ» عَمرَو بنَ العاص ، وليس بصحيح ؛ لأنّ عمراً لم يُسلِم بعد الفَتْح ، وأصحاب الرضائخ كلّهم أسلَموا بعد الفتح ، صُونِعوا على الإسلام بغنائم حُنَين . ولَعَمري إسلام عَمْرو كان مدخولاً أيضا ؛ إلاّ أنّه لم يكن عن رَضِيخة ، وإنّما كان لمعنىً آخر . فأما الذي شَرِب الحرام ، وجُلِد في حدّ الإسلام ، الوليدُ بنُ عُقْبة بن أبي مُعَيط ، وكان أشدّ الناس عليه وأبلَغَهم تحريضا لمعاوية وأهل الشام على حَرْبه .
۶۳
الأصْلُ:
۰.من كتاب له عليه السلام إلى أبي موسى الأشعريّ وهو عامله على الكوفة
وقد بلغه عنه تثبيطه الناس عن الخروج إليه لمّا ندبهم لحرب أصحاب الجمل:مِنْ عَبْدِ اللّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ قَيْس : أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ قَوْلٌ هُوَ لَكَ وَعَلَيْكَ ، فإِذَا قَدِمَ رَسُولِي عَلَيْكَ فارْفَعْ ذَيْلَكَ ، وَاشْدُدْ مِئْزَرَكَ ، وَاخْرُجْ مِنْ جُحْرِكَ ، وَانْدُبْ مَنْ مَعَكَ ، فَإِنْ حَقَّقْتَ فَانْفُذْ ، وَإِنْ تَفَشَّلْتَ فَابْعُدْ ! وَايْمُ اللّهِ لَتُؤتَيَنَّ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ ، وَلاَ تُتْرَكُ حَتَّى يُخْلَطَ زُبْدُكَ بِخَاثِرِكَ ، وَذَائِبُكَ بِجَامِدِكَ ، وَحَتَّى تُعْجَلَ عَنْ قِعْدَتِكَ ، وَتَحْذَرَ مِنْ أَمَامِكَ ، كَحَذَرِكَ مِنْ خَلْفِكَ ، وَمَا هِيَ بِالْهُوَيْنَى الَّتِي تَرْجُو ، وَلكِنَّهَا الدَّاهِيةُ الْكُبْرَى يُرْكَبُ جَمَلُهَا ، وَيُذَلَّلُّ صَعْبُهَا ، وَيُسَهَّلُ جَبَلُهَا . فَاعْقِلْ عَقْلَكَ ، وَامْلِكْ أَمْرَكَ ، وَخُذْ نَصِيبَكَ وَحَظَّكَ ، فَإِنْ كَرِهْتَ فَتَنَحَّ إِلَى غَيْرِ رَحْبٍ ، وَلاَ فِي نَجَاةٍ ، فَبَالْحَرِيِّ لَتُكْفَيَنَّ وَأَنْتَ نَائِمٌ ، حَتَّى لاَ يُقَالَ : أَيْنَ فُـلاَنٌ ! وَاللّهِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مَعَ مُحِقٍّ ، مَا يُبَالِي مَا صَنَعَ الْمُلْحِدُونَ . وَالسَّلاَمُ .