325
تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي

يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ وَلاَ تُطِيقُونَ دَفْعَهُ إِلاَّ بِاللّهِ وَبِي ، أُغَيِّرُهُ بِمَعُونَةِ اللّهِ ، إِنْ شَاءَ اللّهُ .

الشّرْحُ:

رُوِي «عن مُضارّتهم» بالراء المشدّدة . وجُباة الخَراج : الّذين يَجمَعونه ، جَبيتُ الماءَ في الحوض ، أي جمعتُه . والشَّذَى : الضرب والشّرّ ، تقول : لقد أشذَيْت وآذَيْت . وإلى ذمّتكم ، أي إلى اليهود والنّصارى الّذين بينكم ، قال عليه السلام : «من آذى ذِمّيّا فكأنّما آذاني» ، وقال : إنما بذلوا الجِزْية لتكون دماؤهم كدِمائِنا ، وأموَالُهم كأموالنا ، ويسمّى هؤلاء ذِمّة ، أي أهل ذِمّة ، بحذف المضاف .والمَعَرّة : المَضَرّة ، قال : الجيش ممنوعٌ من أذَى من يمرّ به من المسلمين وأهل الذمّة إلاّ من سدّ جَوْعة المضطرّ منهم خاصّة ؛ لأنّ المضطرّ تباح له الميتة فضلاً عن غيرها .
ثمّ قال : فنكّلوا من تَناوَل ، ورُوِي : «بمن تَناوَل» بالباء ، أي عاقِبوه . و «عن» في قوله : «عن ظلمهم» ، يتعلّق بنكلوا ، لأنّها في معنَى «اردعوا» ؛ لأنَّ النَّكالَ يُوجِب الرّدْع .
ثمّ أمرهم أن يكفّوا أيدِيَ أحداثِهم وسفهائِهم عن مُنازَعة الجيش ومصادَمتِه ، والتعرّض لمنعه عمّا استثناه ، وهو سدّ الجوعة عند الاضطرار ، فإنّ ذلك لا يجوز في الشرع ، وأيضا فإنّه يُفضِي إلى فتنة وهَرَج . ثمّ قال : «وأنا بين أظهُر الجَيْش» ، أي أنا قريبٌ منكم ، وسائرٌ على إثْر الجيش ، فارفعوا إليّ مظالمَكم وما عَراكم منهم على وجه الغَلَبة والقَهْر ، فإنّي مغيِّرٌ ذلك ومنتصِفٌ لكم منهم .

۶۱

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى كميل بن زياد النخعي
وهو عامله على هيت ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالباً للغارة :
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ تَضْيِيعَ الْمَرْءِ مَا وُلِّيَ ، وَتَكَلُّفَهُ مَا كُفِيَ ، لَعَجْزٌ حَاضِرٌ ، وَرَأْيٌ مُتَبَّرٌ . وَإِنَّ


تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
324

قوله عليه السلام : إذا اختلف هَوَى الوالي منعَه كثيرا من الحقّ قولُ صِدْق ؛ لأنّه مَتَى لم يكن الخصمان عند الوالي سواءً في الحقّ جارَ وظَلم . ثم قال له : فإنّه ليس في الجَوْرِ عِوضٌ من العَدْل ؛ وهذا أيضا حقّ ، وفي العدل كلّ العِوض مِن الجور . ثمّ أمَرَه باجتناب ما ينكَر مِثله من غيره ، وقد تقدّم نحوُ هذا .
وقوله : «إلاّ كانت فَرْغَتُه» كلمةٌ فصيحة ، وهي المرّة الواحدة من الفَراغ ، وقد رُوِيَ عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «إنّ اللّه يُبغِضُ الصحيحَ الفارغ لا في شُغْل الدنيا ولا في شُغْل الآخرة» ، ومرادُ أميرِ المؤمنين عليه السلام هاهنا الفَراغُ من عمل الآخرة خاصّة .
قوله : «فإنّ الّذي يصل إليك من ذلك أفضلُ من الّذي يَصِل بك» ، معناه فإنّ الّذي يصل إليك من ثواب الاحتساب على الرعيّة ، وحفظ نفسك من مَظالِمهم والحَيْف عليهم ، أفضلُ من الّذي يصل بك من حِراسةِ دِمائِهم وأعراضِهم وأموالِهم ؛ ولا شُبهة في ذلك ؛ لأنّ إحدى المنفعتين دائمة ، والأُخرى منقطِعة ، والنفع الدائمُ أفضلُ من المنقطِع .

۶۰

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى العمال الذين يطأ عملهم الجيوشمِنْ عَبْدِ اللّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَعُمَّالِ الْبِلاَدِ.
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللّهُ ، وَقَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ للّهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ الْأَذَى ، وَصَرْفِ الشَّذَى ، وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَإِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْش ، إِلاَّ مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ لاَ يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَى شِبَعِهِ ، فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَادَّتِهِمْ ، وَالتَّعَرُّض لَهُمْ فِيَما اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ . وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْش ، فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ ، وَمَا عَرَاكُمْ مِمَّا

  • نام منبع :
    تهذيب «شرح نهج البلاغة» لإبن أبي الحديد المعتزلي
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الحمید بن هبة الله ابن ابی الحدید، به کوشش: سید عبد الهادی شریفی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5815
صفحه از 800
پرینت  ارسال به