وأول هذا الكتاب :
«من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان ، أمّا بعد ، فإنّ الدنيا دار تجارة ، وربحها أو خُسرها الآخرة ؛ فالسعيد مَنْ كانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة ، ومَنْ رأى الدنيا بعينها ، وقدّرها بقدرها ؛ وإني لأعِظك مع علمي بسابق العلم فيك ممّا لا مردّ له دون نَفاذه ؛ ولكن اللّه تعالى أخذ على العلماء أن يؤدّوا الأمانة ، وأن ينصحوا الغويّ والرشيد ، فاتّق اللّه ولا تكن ممّن لا يرجو للّه وقاراً ، ومَن حقّت عليه كلمة العذاب ؛ فإنّ اللّه بالمرصاد . وإنّ دنياك ستدبر عنك ، وستعود حسرةً عليك ؛ فأقلع عمّا أنت عليه من الغيّ والضلال ، على كبر سنّك ، وفناء عمرك ؛ فإن حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يصلح مِن جانب إلاّ فسد من آخر ، وقد أرديتَ جيلاً من الناس كثيرا ، خدعتهم بغيّك ...» إلى آخر الكتاب .
قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني : فكتب إليه معاوية : من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب ، أمّا بعد ؛ فقد وقفتُ على كتابك ، ... الخ .
۳۳
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى قُثَم بن العبّاس وهو عامله على مكّةأَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ عَيْنِي بِالْمَغْرِبِ كَتَبَ إِلَيَّ يُعْلِمُنِي أنـّهُ وُجِّهَ إِلَى الْمَوْسِمِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، الْعُمْيِ الْقُلُوبِ ، الصُمِّ الْأَسْمَاعِ ، الْكُمْهِ الْأَبْصَارِ ، الَّذِينَ يَلْبِسُونَ الْحَقَ بِالبَاطِلِ ، وَيُطِيعُونَ الَْمخْلُوقَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ، وَيَحْتَلِبُونَ الدُّنْيَا دَرَّهَا بِالدِّينِ ، وَيَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ ؛ وَلَنْ يَفُوزَ بِالْخَيْرِ إِلاَّ عَامِلُهُ ، وَلاَ يُجْزَى جَزَاءَ الشَّرِّ إِلاَّ فَاعِلُهُ . فَأَقِمْ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ قِيَامَ الْحَازِمِ الطَّبِيبِ ، وَالنَّاصِحِ اللَّبِيبِ ، التَّابِـعِ لِسُلْطَانِهِ ، الْمُطِيعِ لاِءِمَامِهِ . وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ ، وَلاَ تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً ،