منه لإظهاره كلمةَ الكُفْر ، فلا تطمئنّ قلوبُهم إليه ، ولا تَسكُن نفوسهم إلى مقالته ، ولكنّي أخاف على أُمتي المنافقَ الّذي يُسِرُّ الكفر والضلال ، ويُظهِر الإيمانَ والأفعال الصالحة ، ويكون مع ذلك ذا لَسَن وفصاحة ، يقول بلسانه ما تعرفون صوابَه ، ويَفعل سرّاً ما تُنكِرونه لو اطّلعتم عليه ، وذاك أنّ مَنْ هذه صِفتُه تَسكُن نفوسُ الناس إليه ؛ لأنّ الإنسان إنما يحكم بالظاهر فيقلّده الناس ؛ فيضلّهم ويوقعهم في المفاسد .
۲۸
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية جواباً ، وهو من محاسن كتبهأَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللّهِ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله وسلم لِدِينِهِ ، وَتَأْيِيدَهِ إِيَّاهُ بِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ؛ فَلَقَدْ خَبَأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً ؛ إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاَءِ اللّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا ، وَنِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا ، فَكُنْتَ فِي ذلِكَ كَنَاقِلِ التمْرِ إِلَى هَجَرَ ، أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ .
وَزَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاس فِي الاْءِسْلاَمِ فُـلاَنٌ وَفُـلاَنٌ ؛ فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ ، وَإِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ . وَمَا أَنْتَ وَالْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ ، وَالسَّائِسَ وَالْمَسُوسَ ! وَمَا لِلطُّلَقَاءِ وَأَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ ، وَالَّتمْييزَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ ، وَتَرْتِيبَ دَرَجَاتِهِمْ ، وَتَعْرِيفَ طَبَقَاتِهِمْ ! هَيْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا ، وَطَفِقَ يَحْكُمُ فِيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا ! أَلاَ تَرْبَعُ أَيُّهَا الاْءِنْسَانُ عَلَى ظَلْعِكَ ، وَتَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ ، وَتَتأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ ! فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ ، وَلاَ ظَفَرُ الظَّافِرِ ! وَإِنَّكَ لَذَهّابٌ فِي التِّيهِ ، رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ . أَلاَ تَرَى - غَيْرَ مُخْبِرٍ لَكَ ، وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللّهِ أُحَدِّثُ - أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُهاجِرينَ وَالأنصَارِ ، وَلِكُلٍّ