ومثل قولِه : «ولا تُسخِط اللّهَ برضى أحد من خلقِه» ، ما رواه المبرِّد في « الكامل» عن عائشة قالت : من أرضَى اللّهَ بإسخاط الناس كفاه اللّه ما بينه وبين الناس ، ومَن أرضَى الناسَ بإسخاط اللّه وَكَله اللّه إلى الناس .
الأصْلُ:
۰.ومن هذا العهد:فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ ، إِمَامُ الْهُدَى وَإِمَامُ الرَّدَى ، وَوَلِيُّ النَّبِيِّ ، وَعَدُوُّ النَّبِيِّ . وَلَقَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : إِنِّي لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِكاً ؛ أَمَّا الْمُؤمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللّهُ بِإِيمَانِهِ ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اللّهُ بِشِرْكِهِ ، وَلكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مَنَافِقِ الْجَنَانِ ، عَالِمِ اللِّسَانِ ، يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ ، وَيَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ .
الشّرْحُ:
الإشارة بإمام الهُدَى إليهِ نفسِه ، وبإمام الرَّدى إلى معاويةَ ، وسمّـاه إماماً ، كما سَمَّى اللّهُ تعالى أهلَ الضّلال أئمة ، فقال : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّار» ۱ ثم وصفه بصفة أُخرى وهو أنه عدوّ النّبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ليس يعنى بذلك أنه كان عدوّا أيام حَرْب النبيّ صلى الله عليه و آله وسلملقريش ، بل يريد أنّه الآن عدوّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، لقوله صلى الله عليه و آله وسلمله عليه السلام : «وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ اللّه » . وأوّل الخبر : «وليُّك وَليِّي ، ووليِّي وَلِيّ اللّه » ، وتمامُه مشهور ، ولأنّ دلائلَ النفاق كانت ظاهرة عليه من فَلَتات لسانه ومن أفعاله .
ثم قال عليه السلام : «إنّ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قال : إني لا أخاف على أمّتي مؤمنا ولا مُشرِكا » ۲ أي ولا مشركاً يُظهِر الشِّرك ، قال : لأنّ المؤمن يَمنعه اللّهُ بإيمانه أن يُضِلّ الناسَ . والمُشرك مُظهِر الشّرك ، يَقمَعه اللّه بإظهار شِركه ويَخذُله ، ويَصرِف قلوبَ الناس عن اتّباعه ؛ لأنّهم يَنفِرون