۲۱۶
الأصْلُ:
۰.ومن كلام له عليه السلام قاله بعد تلاوته «أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ» ۱
يَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ ! وَزَوْراً مَا أَغْفَلَهُ ! وَخطَراً مَا أَفْظَعَهُ ! لَقَدِ اسْتَخْلَوْا مِنْهُمْ أَيَّ مُدَّكِرٍ ، وَتَنَاوَشُوهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ . أَفَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ يَفْخَرُونَ! أَمْ بَعَدِيدِ الْهَلْكَى يَتَكَاثَرُونَ!
الشّرْحُ:
قد اختلف المفسرون في تأويل هاتين الآيتين ، فقال قوم : المعنى أنّكم قطعتم أيّام عمركم في التكاثُر بالأموال والأولاد ، حتى أتاكم الموت ، فكنَى عن حلول الموت بهم بزيارة المقابر . وقال قوم : بل كانوا يتفاخرون بأنفسهم ، وتعدّى ذلك إلى أن تفاخروا بأسلافهم الأموات ، فقالوا : منّا فلان وفلان ـ لقوم كانوا وانقرضوا . وهذا هُو التّفسير الذي يدلّ عليه كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «يا له مراما !» ، منصوب على التمييز . ما أبعده ! أي لا فخر في ذلك ، وطلب الفخر من هذا الباب بعيد ؛ وإنّما الفخر بتقوى اللّه وطاعته . وزورا ما أغفله ! إشارة إلى القوم الذين افتخروا ؛ جعلهم بتذكّر الأموات السالفين كالزائرين لقبورهم . والزوْر : اسم للواحد والجمع ، كالخَصْم والضَّيْف . قال : ما أغفلهم عمّا يراد منهم ! لأنهم تركوا العبادة والطاعة ، وصرموا الأوقات بالمفاخرة بالموتى . ثم قال : «وخطرا ما أفظعه !» إشارة إلى الموت : ما أشدّه ! فَظُع الشيء بالضمّ ، فهو فظيع ، أي شديد شنيع مجاوز للمقدار .
قوله : «لقد استخْلَوْا منهم أي مدّكر» ، أراد بـ «استخلَوْا» ذكر منْ خلا من آبائهم ، أي مَنْ
مضى ، يقال : هذا الأمر من الأُمور الخالية ، وهذا القرن من القرون الخالية ، أي الماضية . واستخلى فلان في حديثهِ ، أي حدّث عن أُمور خالية ، والمعنى أنّه استعظم ما يوجبه حديثُهم عمّا خلا وعمّن خلا من أسلافهم وآثار أسلافهم من التذكير ، فقال : أيّ مدّكر وواعظ في ذلك ! وروي أيّ مذكَر بمعنى المصدر ، كالمعتقد بمعنى الاعتقاد ، والمعتبر بمعنى