اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ للّهِ رِضىً ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَلاَّهُ اللّهُ مَا تَوَلَّى .
وَلَعَمْرِي ، يَا مُعَاوِيَةُ ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ ، لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاس مِنْ دَمِ عُثْمانَ ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كَنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى ؛ فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ ! وَالسَّلاَمُ .
الشّرْحُ:
قد تقدّم ذكرُ هذا الكلام في أثناء اقتصاص مراسلة أمير المؤمنين عليه السلام معاويةَ بجرير بن عبد اللّه البَجَلِيّ ، وقد ذكره أرباب السّيرة كلُّهم ۱ ، وأول الكتاب :
«أما بعد ، فإن بيعتي بالمدينة لزمتْك وأنت بالشام ؛ لأنّه بايعني القومُ الّذين بايعوا ..» إلى آخر الفصل .
والمشهور المرويّ : «فإن خرج من أمرهم خارجٌ بطعن أو رغبة» ، أي رغبة عن ذلك الإمام الذي وقع الاختيار له .
والمرويّ بعد قوله : «ولاّه اللّه بعدما تولّى» ، «وأصلاه جهنّمَ وساءت مصيراً ، وإنّ طلحةَ والزُّبَيرَ بايعاني ثم نَقضَا بَيْعتي ، فكان نقضُهما كرِدّتهما ، فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحقُّ وظهر أمر اللّه وهم كارهون . فادخل فيما دخلَ فيه المسلمون ، فإنّ أحبّ الأُمور إليّ فيك العافية ، إلاّ أن تتعرّض للبلاء ، فإن تعرّضْتَ له قاتلتك ، واستعنت باللّه عليك ، وقد أكثرتَ في قتلة عثمان ، فادخل فيما دخل النّاسُ فيه ، ثم حاكم القوم إليّ أَحمِلْك وإيّاهم على كتاب اللّه ، فأمّا تلك الّتِي تريدها فخدْعة الصبيّ عن اللّبن ، ولعمري يا معاوية إن نظرت بعقلك ... » إلى آخر الكلام . وبعده : « واعلم أنّك من الطُّلقاء الذين لا تحلّ لهم الخلافة ، ولا تعترض بهم الشورى ، وقد أرسلتُ إليك جريرَ بن عبد اللّه البَجَليّ ، وهو من أهل الإيمان والهجرة ، فبايع ولا قوة إلاّ باللّه » .