وأصل ذلك الصخرة الملساء ، لا يؤثّر فيها السهام ولا يرميها الرامي ، إلاّ بعد أن نَبَلَ غيرها ، يقول : قد بلغت غاراتُ أهل الشام حدودَ الكوفة التي هي دار الملك وسرير الخلافة ، وذلك لا يكون إلاّ بعد الإثخان في غيرها من الأطراف .
أبو موسى الأشعري ، هو عبد اللّه بن قيس الأشعري ، قدم إلى المدينة مع جماعة الأشعرين يوم فتح خيبر . ولاّه عمر البصرة ، ثمّ ولاه عثمان الكوفة ، ثمّ عزله الإمام عليه السلام عنها ، فلم يزل واجدا عليه لذلك . وروي أن عمارا سئل عن أبي موسى ، فقال : لقد سمعتُ فيه من حُذَيفة قولاً عظيما ، سمعته يقول : صاحب البُرْنس الأسود ، ثم كلَح كُلُوحا علمت منه أنّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط .
وروي عن سويد بن غفلة : قال : كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبرا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، قال : سمعته يقول : «إن بني إسرائيل اختلفوا ؛ فلم يزل الاختلاف بينهم ، حتى بعثوا حَكمين يَضلاّن ويُضلاّن من تبعهما» ، فقلت له : احذر يا أبا موسى أن تكون أحدَهما .
۲۴۳
الأصْلُ:
۰.ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليهم السلامهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ . يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ . لاَ يُخَالِفُونَ الْحَقَّ ، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ . وَهُمْ دَعَائِمُ الاْءِسْلاَمِ ، وَوَلاَئِجُ الاِْعْتِصَامِ . بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ ، وَانْزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مُقَامِهِ ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ . عَقَلُوا الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ وَرِعَايَةٍ ، لاَ عَقْلَ سَمَاعٍ وَرِوَايَةٍ ؛ فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ .