قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «ولا أنا إلاّ أن يتداركَني اللّه برحمته» .
ومنها قوله عليه السلام : «أخرجنا مما كنا فيه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى ، وأعطانا البصيرة بعد العمى» ، ليس هذا إشارة إلى خاصّ نفسه عليه السلام ؛ لأنّه لم يكن كافراً فأسلم ، ولكنه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم من أفْناء الناس ، فيأتي بصِيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسُّعا ، ويجوز أن يكون معناه : لولا ألطافُ اللّه تعالى ببعثة محمد صلى الله عليه و آله وسلم لكنتُ أنا وغيري على أصلِ مذهب الأسلاف من عبادة الأصنام ، كما قال تعالى لنبيه : «وَوَجَدَكَ ضالاًّ فَهَدَى» ۱ ، ليس معناه أنّه كان كافراً ، بل معناه : لولا اصطفاء اللّه تعالى لك لكنت كواحدٍ من قومك . ومعنى «ووجدك ضالاًّ» ، أي ووجدك بعُرْضة للضلال ، فكأنه ضالّ بالقوّة لا بالفعل .
۲۱۱
الأصْلُ:
۰.ومن كلام له عليه السلاماللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْش وَمَنْ أَعَانَهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَأَكْفَؤُوا إِنَائِي ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي ، وَقَالُوا : أَلاَ إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ ، وَفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً ، أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً . فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ ، وَلاَ ذَابٌّ وَلاَ مُسَاعِدٌ ، إِلاَّ أَهْلَ بَيْتِي ؛ فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ ، فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى ، وَجَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا ، وَصَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ ، وَآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وخْزِ الشِّفَارِ .