ضنْك ، أي ضيّق . وشديد كلَبها ، أي شرّها وأذاها . واللجَب : الصوت . ووُقودها هاهنا ، بضم الواو ؛ وهو الحدَث ، ولا يجوز الفتح ؛ لأنّه ما يوقد به كالحطب ونحوه ، وذاك لا يوصف بأنه ذاكٍ .
قوله عليه السلام : «عَمٍ قرارُها» ، أي لا يُهتدَى فيه لظلمته ، ولأنّه عميق جداً ، ويروى : « وكأنّ ليلهم نهار» وكذلك أُختها على التشبيه . والمآب : المرجع ، ومدينون : مجزيّون . قوله عليه السلام : «فلا رجعة تُنالون» الرّواية بضم التاء ، أي تعطوْن ، يقال : أنلت فلاناً مالا ، أي منحته ، وقد روي : «تَنَالون» بفتح التاء .
ثم أمر أصحابه أن يثبتوا ولا يعجلوا في محاربةِ مَنْ كان مخالطاً لهم من ذوِي العقائد الفاسدة كالخوارج ، ومَنْ كان يُبطِنُ هَوى معاوية ، وليس خطابه هذا تثبيطا لهم عن حرب أهل الشام ، كيف وهو لا يزال يقرِّعهم ويوبِّخُهم عن التقاعد والإبطاء في ذلك ! ولكنّ قوما من خاصّته كانوا يطّلعون على ما عند قوم من أهل الكوفة ، ويعرفون نفاقهم وفسادهم ، ويرومون قتلهم وقتالهم ، فنهاهم عن ذلك ، وكان يخاف فرقة جُنْده وانتثار حَبْل عسكره ، فأمرهم بلزوم الأرض ، والصبر على البلاء .
وروي بإسقاط الباء من قوله : «بأيديكم» ، ومَنْ رَوى الكلمة بالباء جعلها زائدة ، ويكون المعنى : ولا تحرّكوا الفتنة بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم ، فحذف المفعول . والإصلات بالسيف : مصدر أصلت ، أي سلّ .
واعلم أنّ هذه الخطبة من أعيان خُطَبه عليه السلام ، ومن ناصع كلامه ونادره ، وفيها من صناعة البديع الرائقة المستحسَنة البريئة من التكلّف ما لا يخفى .
۲۳۷
الأصْلُ:
۰.ومن خطبة له عليه السلامالْحَمْدُ لِلّهِ الْفَاشِي فِي الْخَلْقِ حَمْدُهُ ، وَالْغَالِبِ جُنْدُهُ ، وَالْمُتَعَالِي جَدُّهُ ؛ أَحْمَدُهُ